للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - أنواع التوحيد:

ذكرت فيما سبق أن آيات كتاب الله - عز وجل - في التوحيد تدور على ثلاثة معان هي:

إفراده - سبحانه - بالعبادة، وإفراده بالربوبية والخلق والتصرف، وإثبات صفات الكمال له، وعلى هذا بنى أهل السنة تقسيمهم للتوحيد.

فيشير الإمام الطبري إلى هذه المعاني بقوله: "إلهاً واحداً، أي نخلص له العبادة، ونوحد له الربوبية، فلا نشرك به شيئاً، ولا نتخذ دونه رباً"١.

وألمح الإمام أبو يوسف٢ - رحمه الله - إلى أنواع التوحيد في قوله: "وإنما دل الله - عز وجل - خلقه بخلقه؛ ليعرفوا أن لهم رباً يعبدوه ويطيعوه ويوحدوه، ليعلموا أنه مكونهم لا هم كانوا، ثم تسمى فقال: أنا الرحمن، وأنا الرحيم، وأنا الخالق، وأنا القادر، وأنا المالك، أي هذا الذي كونكم يسمى المالك، القادر، الله، الرحمن، الرحيم، بها يوصف"٣.

أولاً: تقسيم التوحيد إلى نوعين:

وهذا هو الذي يكثر في كتب أهل السنة، فيقسمون التوحيد إلى نوعين، عبروا عنهما بأكثر من صيغة، فمن ذلك تقسيمه إلى التوحيد القولي العلمي، والتوحيد العملي الإرادي،

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "التوحيد الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب هو توحيد الإلهية، وهو أن يعبد الله وحده لا شريك له، وهو متضمن لشيئين:

أحدهما: القول العلمي، وهو إثبات صفات الكمال له، وتنزيهه عن النقائص، وتنزيهه عن أن يماثله أحد في شيء من صفاته، فلا يوصف بنقص بحال، ولا يماثله أحد في شيء من الكمال..والتوحيد العملي الإرادي أن لا يعبد إلا إياه، فلا يدعو إلا إياه ولا يتوكل إلا عليه،


١ - جامع البيان ١/٥٦٢.
٢ - هو يعقوب بن إبراهيم الأنصاري الكوفي الإمام المجتهد المحدث، كبير القضاة، صحب أبا حنيفة سبع عشرة سنة، وتفقه عليه، وهو أنبل تلامذته وأعلمهم توفي سنة ١٨٢ هجرية. انظر: سير أعلام النبلاء ٨/٥٣٥ - ٥٣٩.
٣ - كتاب التوحيد لابن مندة ٣/٣٠٥.

<<  <   >  >>