للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - معنى التسلسل في الاصطلاح:

لفظ التسلسل من الألفاظ الاصطلاحية التي لم ترد في القرآن الكريم أو السنة النبوية، إذ ورد فيهما لفظ السلسلة والسلاسل فقط، قال - تعالى -: {إِذْ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ} [غافر - ٧١] ، وقال - سبحانه -: {سَلاسِلاْ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً} [الإنسان - ٤] وقال - تعالى -: {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة - ٣٢] .ومن السنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل" ١، والسلاسل جمع سلسلة، والسلسة سبق بيان معناها في اللغة، وهو المراد في القرآن والسنة.

ولفظ التسلسل من الألفاظ المجملة، التي أحدثها المتكلمون ويراد به عند الإطلاق: "ترتيب أمور غير متناهية"٢، مع أن معناه اللغوي لا يدل على عدم الانتهاء، بل ما ورد من الأمثلة في اللغة هو مما ينتهي.

ويختلف أهل السنة، والمتكلمون، والفلاسفة، في نظرتهم إلى أنواع التسلسل وما يجوز منه وما يمتنع، فعند التقييد ينقسم لفظ التسلسل إلى ثلاثة أنواع: واجب وممتنع وممكن، وتفصيلها كما يلي:

النوع الأول: التسلسل الممتنع، وهو التسلسل في المؤثرات، والفاعلين، والعلل، "بأن يكون للفاعل فاعل، وللفاعل فاعل إلى ما لا نهاية له"٣، وهذا باطل بصريح العقل واتفاق العقلاء، ومنه التسلسل في تمام كون المؤثر مؤثراً؛ كأن يقال الحادث لابد له من سبب حادث، وذلك السبب لابد له من سبب حادث٤.

النوع الثاني: التسلسل الممكن وهو التسلسل في المفعولات، والآثار المتعاقبة، "بأن يكون الحادث الثاني موقوفاً على حادث قبله، وذلك الحادث موقوف على حادث قبل


١ - أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب الأسارى في السلاسل ٢/٣٦١، ح ٣٠١٠.
٢ - التعريفات للجرجاني ص٨٤، وانظر: العين والأثر لعبد الباقي الحنبلي ص٥١، توضيح المقاصد لابن عيسى١/٣٧٠.
٣ - درء التعارض ١/٣٢١.
٤ - انظر: المرجع السابق ٢/٢٨٢ - ٢٨٣، ١/٣٢١ - ٣٢٢، ٩/٢٢٨، الصفدية ١/٤٩ - ٥٣، مجموعة الرسائل ٥/٣٤١ - ٣٤٢، بدائع الفوائد ٤/١٢٧.

<<  <   >  >>