للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جميع الوجوه، لأنه غير منقسم، لا في الأجزاء بالفرض والوهم، كالمتصل، ولا في العقل بأن تكون ذاته مركبة من معان عقلية متغايرة يتحد بها جملته وأنه واحد من حيث هو غير مشارك ألبته في وجوده الذي له، فهو بهذه الوجوه فرد، وهو واحد لأنه تام الوجود، ما بقي له شيء ينتظر حتى يتم وقد كان هذا أحد وجوه الواحد، وليس الواحد فيه إلا على الوجه السلبي"١.

ويقول عن وحدانية الله: "فهو واحد من جهة تمامية وجوده، وواحد من جهة أن حده له، وواحد من جهة أنه لا ينقسم لا بالكم، ولا بالمباديء المقومة له، وواحد من جهة أن لكل شيء وحدة تخصه، وبها كمال حقيقته الذاتية"٢.

ويقول ابن رشد٣ عن الواحد: "هو الذي لا يتجزأ إما في الكمية، وإما في الصورة٤ والكيفية"٥.


١ - النجاة لابن سينا ٢/١٠٨، وانظر: الفارابي في حدوده ورسومه للدكتور جعفر آل ياسين ص ٦٣٩.
٢ - النجاة لابن سينا ٢/٨٤.
٣ - هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي، ولد سنة ٥٢٠هجرية، واشتغل بالفلسفة، وكانت له عناية بكتب أرسطو فشرح الكثير منها، من ذلك "شرح مابعد الطبيعة" أو "تفسير ما بعد الطبيعة" لأرسطو، ومن كتبه "تهافت التهافت"، "فصل المقال في مابين الشريعة والحكمة من الاتصال" وهو الكتاب الذي حاول فيه أن يقرب بين الدين والفلسفة، توفي سنة ٥٩٤هـ، وقيل ٥٩٥هـ. انظر: الديباج المذهب لابن فرحون ٢/٢٥٧، السير٢١/٣٠٧، شذرات الذهب ٤/٣٢٠.
٤ - الصورة: عبارة عن أحد جزئي الجسم وهو حال في الجزء الآخر منه. انظر: المبين ص ١٠٩، وعند ابن سينا الصورة اسم مشترك يقال على معان: الأول: النوع وهو المقول على كثيرين في جواب ماهو. والثاني: أنها كل موجود في شيء لا كجزء منه ولا يصح قوامه دونه كيف كان. الثالث: أنه الموجود في الشيء لا كجزء منه ولا يصح قوامه دونه ولأجله وجد الشيء مثل العلوم والفضائل للإنسان. الرابع: أنه الموجود في شيء آخر لا كجزء منه ولا يصح وجوده مفارقا له ولكن وجود ما هو فيه بالفعل خاصا به، مثل صورة النار في هيولى النار. الخامس: أنه الموجود في شيء لا كجزء منه ولا يصح قوامه مفارقا له ويصح قوام ما فيه دونه إلا أن النوع الطبيعي يحصل به كصورة الإنسانية والحيوانية في الجسم الطبيعي الموضوع له. وربما قيل إنه صورة للكمال المفارق مثل النفس فحده أنه جزء غير جسماني مفارق يتم به وبجزء جسماني نوع طبيعي. انظر: الحدود لابن سينا ص ٢٤٣ - ٢٤٤، معيار العلم ص ٢٨٦ - ٢٨٧.
٥ - تفسير ما بعد الطبيعة لابن رشد ص ٥٤٧.

<<  <   >  >>