للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - تعريف التوحيد عند الفلاسفة ١:

إن مما يبين معنى التوحيد عند الفلاسفة هو تعريفهم للواحد أو الوحدة، حيث يتضح من خلالها حقيقة التوحيد الذي بنوه على معنى الواحد عندهم.

ولننظر في تعريف ابن سينا٢للواحد فهو يقول:"فقد ظهر لنا أن للكل مبدأ واجب الوجود، غير داخل في جنس٣، أو واقع تحت حد٤، أو برهان٥،بريئا عنالكم٦، والكيف٧، والماهية٨، والأين٩،والمتى١٠، والحركة١١، لا ند له، ولا شريك، ولا ضد له، وأنه واحد من


١ - الفلسفة كلمة يونانية أصلها "فيلوسوفيا" وتفسيرها محبة الحكمة، وقيل معناها التشبه بأفعال الله حسب طاقة الإنسان، والفلاسفة - كما يقول ابن القيم رحمه الله - في عرف كثير من الناس صار مختصاً بمن خرج عن ديانات الأنبياء، ولم يذهب إلا لما يقتضيه العقل في زعمه، وهي في عرف المتأخرين: اسم لأتباع أرسطو وهم المشاؤون خاصة، الذين هذب ابن سينا طريقتهم وبسطها، ومن مقولاتهم القول بقدم العالم، وإنكار علم الرب وإنكار بعث الأجساد، والملائكة عندهم هي العقول، وقد ذكر الغزالي أصناف الفلاسفة وهم الدهرية والطبيعيون والإلهيون، وقال عنهم: وهم على كثرة أصنافهم يلزمهم سمة الكفر والإلحاد، كما كفر أتباعهم من المنتسبين إلى الإسلام. انظر: الملل والنحل للشهرستاني ٢/٥٨، ١٥٨، وما بعدها، إغاثة اللهفان لابن القيم ٢/٢٥٦ - ٢٦١، المعجم الفلسفي لجميل صليبا ٢/١٦٠ - ١٦٢، المنقذ من الضلال للغزالي ص١٩ - ٢٠، رسالة الحدود والرسوم للكندي ضمن كتاب المصطلح الفلسفي عند العرب للدكتور عبد الأمير الأعسم ص١٩٧.
٢ - هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا الملقب بالشيخ الرئيس، ألف في الطب والمنطق والطبيعيات والإلهيات، من كتبه الشفا، والقانون، وأخبر ابن سينا عن نفسه أن أهل بيته كانوا من الإسماعيلية الملاحدة، وأنه إنما اشتغل بالفلسفة بسبب ذلك فإنه كان يسمعهم يذكرون العقل والنفس. وقد أخذ علومه عن الملاحدة المنتسبين للإسلام كالإسماعيلية، توفي سنة ٤٢٨للهجرة. انظر: الرد على المنطقيين لابن تيمية ص ١٤١ - ١٤٣، الأعلام٢/٢٦١ - ٢٦٢.
٣ - الجنس هو كلي يحمل على أشياء مختلفة الذوات والحقائق في جواب ماهو. انظر: النجاة لابن سينا ١/١٥،معيار العلم للغزالي ص ٧٧.
٤ - الحد يعرفه ابن سينا بأنه القول الدال على ماهية الشيء، أي كمال وجوده الذاتي. انظر: الحدود لابن سينا ضمن المصطلح الفلسفي للأعسم ص ٢٣٩، وسيأتي تفصيل معنى الحد ص١١٤من البحث وما بعدها.
٥ - البرهان عبارة عن قياس يقيني المادة. انظر: النجاة ١/٨٣، المبين في شرح معاني ألفاظ الحكماء والمتكلمين للآمدي ص ٩٠.
٦ - الكم: عبارة عما يفيد التقدير والتجزئة لذاته. انظر: معيار العلم ص٣٠٧، المبين ص ١١٠.
٧ - الكيف: عبارة عن هيئة قارة للجوهر لا يوجب تعقلها تعقل أمر خارج عنها وعن حاملها، ولا يوجب قسمة ولا نسبة في أجزائها وأجزاء حاملها. انظر: معيار العلم ص٣٠٩، المبين ص ١١١.
٨ - الماهية: ماهية الشيء ما به يجاب عن السؤال بما هو؟ ويفسره بما به الشيء هو هو. انظر: شرح المقاصد للتفتازاني ١ /٣٩٩، وسيأتي شرح هذا اللفظ ص١٩٦ من البحث وما بعدها.
٩ - الأين: عبارة عن حالة تحصل للجسم بسبب نسبته إلى مكانه. انظر: معيار العلم ص٣١٢، المبين ص ١١٢.
١٠ - المتى: عبارة عن حالة تحصل للجسم بسبب نسبته إلى زمانه، انظر: معيار العلم ص٣١٣، المبين ص ١١٢.
١١ - الحركة: عبارة عن كمال أول بالقوة، من جهة ماهو بالقوة، أو هو خروج من القوة إلى الفعل لا في آن واحد. انظر: معيار العلم ص٢٩٣.

<<  <   >  >>