للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالعالم عند الفلاسفة يراد به مجموع الأجسام الطبيعية البسيطة، فتخرج العقول والنفوس عن مسمى العالم عندهم، فلا يكون العالم هو كل ما سوى الله. وإذا خصص وقيل عالم الطبيعة أو عالم العقل أو عالم النفس، فإنه يراد به جملة موجودات متجانسة. فتعريفهم مغاير لتعريف أهل السنة وطوائف المتكلمين. بل ومغاير لمعنى العالم في اللغة.

د - معنى العالم عند أهل الوحدة:

يرى أهل الوحدة أن العالم هو عين وجود الرب - تعالى عن قولهم -، لذا يقولون في تعريف العالم: "العالم هو الظل الثاني، وليس إلا وجود الحق الظاهر بصور الممكنات كلها، فلظهوره بتعيناتها سُمّي باسم السوى، والغير، باعتبار إضافته إلى الممكنات، إذ لا وجود للممكن إلا بمجرد هذه النسبة، وإلا فالوجود عين الحق..فالعالم صورة الحق، والحق هوية العالم وروحه"١.

ويذكر هذا المعنى صاحب دستور العلماء فيقول عن العالم عند أهل الوحدة: "هو الحق المتجلي بصفاته، لأنه اسم لما سوى الله - تعالى - وسواه منتف عندهم، فبالضرورة هو الحق المتجلي بصفاته"٢.

وقولهم ظاهر الفساد، وحقيقته تعطيل الصانع، وأنه ليس وراء الأفلاك شيء فلو عدمت السماوات والأرض، لم يكن ثم شيء موجود، وقد صرح بهذا كبار محققيهم، وعارفيهم، كما بين ذلك شيخ الإسلام في ردوده عليهم٣.


١ - معجم كلمات الصوفية لأحمد النقشبندي ص٥٥.
٢ - موسوعة مصطلحات جامع العلوم ص٥٧٢.
٣ - انظر: الصفدية ٢/٢٤٤، بيان تلبيس الجهمية١/٢١٢ - ٢١٣، التدمرية ص١٠٨، مجموعة الرسائل ١/٨٠، ٤/٦ - ٧.

<<  <   >  >>