للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

داري: إذا بنيتها بناء غير الذي كان. والثاني: لتبديله بغيره. نحو: غيرت غلامي ودابتي، إذا أبدلتهما بغيرهما. نحو: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد - ١١] "١.

٣ - معنى دليل التغير في اصطلاح المتكلمين والفلاسفة:

يقول الرازي: "وأما الخليل - صلى الله عليه وسلم -، فقد حكى الله - تعالى - عنه في كتابه، أنه استدل بحصول التغير في أحوال الكواكب، على حدوثها"٢.

ويستدل كثير من المتكلمين بقصة إبراهيم، ويقولون إن إبراهيم استدل بالأفول على الحدوث. كما أن ابن سينا استدل بالأفول على الإمكان، ويقولون: الحادث والممكن ليس بواجب. يقول شيخ الإسلام مبيناً كلامهم: "ثم إنه لما قال هؤلاء إن الأفول هو الحدوث، والأفول هو التغير، فبنى ابن سينا وأتباعه من الدهرية على هذا، وقالوا: ما سوى الله ممكن، وكل ممكن فهو آفل، فالآفل لا يكون واجب الوجود.. فيستدلون بالتغير على الإمكان، كما استدل الأكثرون من هؤلاء بالتغير على الحدوث، وكل من هؤلاء يقول: هذه طريقة الخليل"٣.

٤ - مناقشة الدليل:

أولاً: أن استدلالهم بقصة إبراهيم الخليل - عليه السلام - باطل، فقد علم باتفاق أهل اللغة والمفسرين أن الأفول ليس هو الحركة، سواء كانت حركة مكانية وهي الانتقال، أو حركة في الكم كالنمو، أو في الكيف كالتسود والتبيض، ولا هو التغير، فلا يسمى في اللغة كل متحرك أو متغير آفلاً، ولا أنه أفل، لا يقال للمصلي أو الماشي إنه آفل، ولا يقال للتغير الذي هو استحالة؛ كالمرض، واصفرار الشمس، إنه أفول، وإنما يقال للشمس أفلت إذا غابت


١ - المفردات ص٦١٩.
٢ - أساس التقديس ص١/٥٢٧، وانظر: الإنصاف ص٣٠.
٣ - درء التعارض ١/١٠٢ - ١٠٣.

<<  <   >  >>