للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحتجبت، وهذا من المتواتر المعلوم بالاضطرار من لغة العرب، أن آفلاً بمعنى غائب، وقد أفلت الشمس، تأفِلُ، وتأفُلُ، أفولاً، أي غابت١.

ثانياً: أن قول القائل: "كل متحرك محدث، أو كل متحرك ممكن يقبل الوجود والعدم"، فهذه المقدمة ليست ضرورية فطرية باتفاق العقلاء، بل من يدعي صحة ذلك يقول إنها لا تعلم إلا بالنظر الخفي، ومن ينازع في ذلك يقول إنها باطلة عقلاً وسمعاً، ويمثل من مثل بها في أوائل العلوم الكلية لقصوره وعجزه، وأما قوله: "كل متغير محدث أو ممكن" فإن أراد بالتغير ما يعرف من ذلك في اللغة، مثل استحالة الصحيح إلى المرض، والعادل إلى الظلم، والصديق إلى العداوة، فإنه يحتاج في إثبات هذه الكلية إلى دليل، وإن أراد بالتغير معنى الحركة، أو قيام الحوادث مطلقاً، حتى تسمى الكواكب حين بزوغها متغيرة، ويسمى كل متكلم ومتحرك متغيراً، فهذا مما يتعذر عليه إقامة الدليل فيه على دعواه٢.

فدليل التغير الذي زعموه دليلاً، فاسد، لأنهم بنوه على أن معنى الأفول هو التغير، وهذا ليس بصحيح، كما بنوه على أن التغير هو التحرك، والتكلم، ونحو ذلك، وهذا ظاهر الفساد؛ بل ويتعذر عليهم إقامة الدليل عليه. ومن لوازمه الفاسدة نفي الصفات الفعلية المتعلقة بالقدرة والمشيئة.


١ - انظر: درء التعارض ١/١٠٩.
٢ - انظر: المرجع السابق ١/١١٢ - ١١٣.

<<  <   >  >>