للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويفصل الإمام ابن تيمية الكلام في موضع آخر فيقول: "فإن كان لفظ الأحد والواحد يمنع تعدد المعاني المفهومة الثبوتية بالكلية - كما يزعم ابن سينا وذويه١من مرتدة العرب المتبعين لمرتدة الصابئة، أنه إذا كان واحداً من كل وجه، فليس فيه تعدد من جهة الصفة، ولا من جهة القدر، ويعبر عن ذلك بأنه ليس فيه أجزاء حد، ولا أجزاء كم، - لزم أن يكون الوجوب والوجود والإبداع معنى واحد، وهو معلوم الفساد بالبديهة، وإن كان هو في نفسه مقسماً بالأحد والواحد، مع ثبوت هذه المعاني المتعددة، علم أن هذا الاسم لا يوجب نفي الصفات؛ بل هو - سبحانه - أحد واحد لا شبيه له ولا شريك، وليس كمثله شيء بوجه من الوجوه، وكذلك هو أيضا ذات، وهو قائم بنفسه باتفاق الخلائق كلهم، وسائر الذوات، وكل ماهو قائم بنفسه، يشاركه في هذا الاسم ومعناه، كما يشاركه في اسم الوجود ومعناه، وهو - سبحانه - يتميز عن سائر الذوات، وسائر ما هو قائم بنفسه، بما هو مختص به؛ من حقيقته التي تميز بها، وانفرد واختص عن غيره، كما تميز بوجوب وجوده، وخصوص تلك الحقيقة ليس هو المعنى العام المفهوم من القيام بالنفس، ومن الذوات، كما إن خصوص وجوب الوجود ليس هو المعنى العام المفهوم من الوجود، فسواء سمى المسمي هذا تعاداً، أو تركيباً، أولم يسمه، هو ثابت في نفس الأمر، لا يمكن دفعه، والحقائق الثابتة، لا تدفع بالعبارات المجملة، المبهمة، وإن شنع بها الجاهلون"٢.

كما رد على الفلاسفة الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة، وبين تهافت قولهم وتناقضه، وأن قولهم في معنى الواحد تحكم لا دليل عليه٣.


١ - خطأ نحوي والصواب بالرفع "وذووه".
٢ - بيان تلبيس الجهمية ١/٥٠٠، ٥٠١، وانظر: الرد على المنطقيين ص٢٢١ - ٢٢٥.
٣ - انظر: تهافت الفلاسفة للغزالي ص٨٧ - ١٠٩.

<<  <   >  >>