للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الخامس: الفطرة يعني البدأة التي ابتدأهم عليها، يريد أنه مولود على ما فطر الله عليه خلقه، من أنه ابتدأهم للحياة والموت، والسعادة والشقاء، وإلى ما يصيرون إليه عند البلوغ من قبولهم عن آبائهم اعتقادهم. قالوا والفطرة في كلام العرب البداءة، والفاطر المبدئ والمبتدىء١.

القول السادس: أن الفطرة ها هنا الإسلام، قالوا وهو المعروف عند عامة السلف أهل التأويل، وقد أجمعوا في تأويل قوله - عز وجل -: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم - ٣٠] على أن قالوا فطرة الله، دين الله الإسلام٢. واستدل أصحاب هذا القول بأدلة كثيرة منها٣:

١ - قول أبي هريرة في هذا الحديث: "اقرأوا إن شئتم: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم - ٣٠] "، وذكروا عن عكرمة، ومجاهد، والحسن، وإبراهيم، والضحاك، وقتادة، في قول الله - عز وجل -: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم - ٣٠] ، قالوا: فطرة الله، دين الله الإسلام.

٢ - ومما احتج به من ذهب إلى أن الفطرة في هذا الحديث الإسلام، قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خمس من الفطرة" ٤، يعني فطرة الإسلام.

٣ - والدلائل الدالة على أنه أراد على فطرة الإسلام كثيرة، كألفاظ الحديث التي في الصحيح مثل قوله "على الملة"، و "على هذه الملة" ٥.

٤ - ومثل قوله في حديث عياض بن حمار: "خلقت عبادي حنفاء كلهم" ٦، ومثل تفسيرأبي هريرة، وغيره، من رواة الحديث، ذلك، وهم أعلم بما سمعوا.


١ - انظر: التمهيد ١٨/٧٨، درء التعارض ٨/٣٨٦، شفاء العليل ص٢٨٤، أحكام أهل الذمة ٢/٥٦٩.
٢ - انظر: التمهيد ١٨/٧٢، الدرء ٨/٣٧٣، شفاء العليل ص٢٨٥، أحكام أهل الذمة ٢/٥٣٥، فتح الباري ٣/٢٤٨.
٣ - انظر: درء التعارض٨/٣٦٧ - ٣٧١.
٤ - أخرجه البخاري في كتاب اللباس باب قص الشارب ٤/٧٢، ح ٥٨٨٩، ومسلم في كتاب الطهارة باب خصال الفطرة ١/٢٢١؛ ح ٢٥٧.
٥ - الروايتان أخرجهما مسلم في كتاب القدر، باب معنى "كل مولود يولد على الفطرة" ٤/٢٠٤٨، ح ٢٦٥٨.
٦ - جزء من حديث أخرجه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الخصال التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار ٤/٢١٩٧، ح ٢٨٦٥.

<<  <   >  >>