للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: تسميته بما لا يليق بجلاله كتسمية الفلاسفة له موجباً بذاته، أو علة فاعلة بالطبع، ونحو ذلك.

وثالثها: وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص؛ كقول أخبث اليهود إنه فقير، وقولهم إنه استراح بعد أن خلق خلقه.

ورابعها: تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها كقول من يقول من الجهمية وأتباعهم إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني.

وخامسها: تشبيه صفاته بصفات خلقه - تعالى الله عما يقول المشبهون علواً كبيراً - ١.فهذا كله من الإلحاد في أسمائه - سبحانه -.

٣ - الإلحاد المعاصر:

الإلحاد المصطلح عليه في هذا العصر يعني إنكار وجود الله، والقول بأن الكون وجد بلا خالق، وأن المادة أزلية أبدية، واعتبار تغيرات الكون قد تمت بالمصادفة، أو بمقتضى طبيعة المادة وقوانينها، واعتبار ظاهرة الحياة، وما تستتبع من شعور وفكر عند الإنسان، من أثر التطور الذاتي في المادة٢.

ولم يكن الإلحاد في التاريخ الإنساني ظاهرة بارزة، ذات تجمع بشري، أو مذهباً مدعماً بمنظمات ودول، وإنما كان ظاهرة فردية شاذة، وربما اجتمع عليه فئات قليلة، وانتشر الإلحاد منذ القرن التاسع عشر، حيث صيغت العلوم الإنسانية، وجذور العلوم البحتة، على أسس الإلحاد بالله، والتفسيرات المادية٣، وانتشر انتشاراً لا سابق له في الجاهليات القديمة.

إلا أنه في أواخر القرن العشرين، وبداية الحادي والعشرين، عمت موجة من التدين في الأوساط الغربية الملحدة، وشهد العالم سقوط الشيوعية، ثم بدأنا نشاهد عودة مايسمى باليمين المسيحي المتطرف، كل ذلك بعد أن ذاقوا ويلات البعد عن الدين، والعيش في ظلمة


١ - انظر: بدائع الفوائد١/١٦٩ - ١٧٠، مدارج السالكين١/٢٩ - ٣٠، المفردات ص٧٣٧.
٢ - كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة للأستاذ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني ص ٤٠٩، وانظر: مذاهب فكرية معاصرة للأستاذ محمد قطب ص٦٠٥، الموسوعة الفلسفية ص٤٢٦.
٣ - انظر: كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة ص٤١١.

<<  <   >  >>