للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموانع"١. فالعلة التامة يجب ثبوت الحكم بها، أما العلة بالمعنى الثاني فيتوقف ثبوت الحكم على وجود الشروط وانتفاء الموانع. وهذا المعنى الثاني قد يعبر عنه بلفظ السبب٢. فالعلة قد ترادف السبب، إلا أنها قد تغايره، فيراد بالعلة المؤثر، وبالسبب ما يفضي إلى الشيء في الجملة، أو ما يكون باعثاً عليه، وقيل السبب ما يتوصل به إلى الحكم من غير أن يثبت به، أما العلة فهي ما يثبت به الحكم٣.

٣ - معنى العلة في اصطلاح الفلاسفة:

العلة مصطلح فلسفي، ذكره الفلاسفة المتقدمون أمثال أرسطو، وقد تلقف هذا المصطلح الفلاسفة المنتسبون إلى الإسلام، كابن سينا، والفارابي، وغيرهم، وتناولوه بالشرح والإضافة.

يقول ابن سينا: "حد العلة هي كل ذات وجود ذات آخر بالفعل، من وجود هذا بالفعل، ووجود هذا بالفعل، ليس من وجود ذلك بالفعل"٤.

ودخلت تعريفات أهل الفلسفة للعلة إلى كتب المتأخرين من المتكلمين، فنجد الرازي يحد العلة بحد يجمع أنواعها فيقول: "العلة ما يحتاج إليه الشيء في حقيقته، أو وجوده"٥.

وينتقد الرازي تعريف ابن سينا بأنه لا يتناول إلا العلة الفاعلية، قال: "فإن تكلفنا حتى أدخلنا العلة الغائية والصورية، فالعلة المادية على كل حال خارجة عنه"٦.

ويقول التفتازاني: "العلة ما يحتاج إليه الشيء، وإن كان إطلاقها ينصرف إلى ما يصدر عنه الشيء"٧.

ومعظم الفلاسفة المنتسبين للإسلام كالكندي، والفارابي، وابن سينا، وابن رشد يفضلون استعمال لفظ العلة على لفظ السبب، أما الغزالي وعلماء الكلام فإنهم يستعملون لفظ السبب


١ - مجموع الفتاوى ١٨/٢٧٣، وانظر:٢١/٣٥٦من المرجع نفسه.
٢ - المرجع السابق ٢١/٣٥٦.
٣ - انظر: المعجم الفلسفي للدكتور صليبا ٢/٩٦، التعريفات ص١٥٥.
٤ - الحدود لابن سينا ضمن كتاب المصطلح الفلسفي ص٢٦٠، وانظر: معيار العلم ص٢٨٣.
٥ - المباحث المشرقية ١/٥٨٦.
٦ - المرجع السابق ١/٥٨٦.
٧ - شرح المقاصد ٢/٧٧، وانظر: الصحايف الإلهية ص ١٣١، التعريفات ص١٩٩.

<<  <   >  >>