للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعقل الكل باعتبار المعنى الثاني، فهو العقل الذي هو جوهر، مجرد عن المادة من كل الجهات، وهو المحرك بحركة الكل على سبيل التشويق لنفسه، ووجوده أول وجود مستفاد عن الموجود الأول١.

وهم يقولون عن الله بأنه عقل وعاقل ومعقول، فهو عقل لأنه واجب الوجود، مجرد عن المادة، وعوارض المادة. وبما يعتبر له من أن هويته المجردة لذاته، فهو معقول لذاته، وبما يعتبر له من أن ذاته لها هوية مجردة، هو عاقل ذاته٢.

فالله - عند الفلاسفة - عقل، صدر عنه عقل الكل وهو العقل الأول، وهو جوهر مجرد عن المادة، وهو المحرك بالحركة الشوقية. وهناك عقول أخرى تسمى عقل الكل، وهي العقول الفعالة، وهي الملائكة المقربون، وهي جواهر مجردة عن المادة، وهي تتحرك بالشوق.

وعدد العقول بعد المبدأ الأول عشرة، وهو المشهور، وقيل أحد عشر، وذهب المعلم الأول إلى أنها خمسون٣.

٥ - الرد على الفلاسفة:

تقسيم الفلاسفة للعقول بهذه الطريقة هو اصطلاح لهم بعباراتهم وهو غير ملزم، وإنما نناقشهم فيما اخطأوا فيه، أما تعريف العقل بأنه التصورات والتصديقات، فكما سلف هذا تعريف ناقص، فالعقل غريزة بها يعلم، وهي كذلك العلوم الضرورية، كما أنه العمل بالعلم.

وأما قول الفلاسفة في العقول الفعالة المفارقة، وإطلاقهم لفظ العقل على الله - تعالى -، وتسمية النفس البشرية عقلاً، فباطل من وجوه:

الأول: أن العقل في الكتاب، والسنة، وكلام الصحابة، والأئمة، ليس ملكاً من الملائكة، ولا جوهراً قائماً بنفسه بل هو العقل الذي في الإنسان. ولم يسم أحد من المسلمين قط


١ - انظر: الحدود لابن سينا ضمن المصطلح الفلسفي للدكتور الأعسم ص٢٤٢ - ٢٤٣، معيار العلم ص٢٨٢ - ٢٨٣.
٢ - انظر: النجاة ٢/٩٩.
٣ - انظر: تهافت الفلاسفة ص٨٩، المطالب العالية ٧/٣٨٣، موسوعة مصطلحات جامع العلوم ص٥٩٩.

<<  <   >  >>