للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحداً من الملائكة عقلاً، ولا نفس الإنسان الناطقة عقلاً بل هذه من لغة اليونان، ومن المعلوم أن حمل كلام رسول الله، أو كلام الله - تعالى - على ما لا يوجد في لغته التي خاطب بها أمته، ولا في لغة أمته، وإنما يوجد في لغة أمة لم يخاطبهم بلغتهم١، أمر باطل.

الثاني: أن هؤلاء المتفلسفة يقولون إن العقول، التي يسميها من يتظاهر بالإسلام منهم ملائكة، يقولون إنها معلولة، متولدة، عن الله، لم يخلقها بمشيئته وقدرته، ويقولون إنها هي رب العالم، فالعقل الأول أبدع كل ما سوى الله عندهم، والثاني أبدع ما سوى الله وسوى العقل الأول، حتى ينتهي الأمر إلى العقل العاشر الفعال، المتعلق بفلك القمر، فيقولون إنه أبدع ما تحت الفلك، فهو عندهم المبدع لما تحت السماء من هواء، وسحاب، وجبال، وحيوان، ونبات، ومعدن، ومنه يفيض الوحي، والعلم، على الأنبياء وغيرهم، وهذا من أعظم الأقوال منافاة لأقوال الرسل، وهو من أعظم الكفر في دين الله٢.

الثالث: أن ما يدعونه من المجردات، والمفارقات؛ كالعقول، والنفوس، إنما وجودها في الأذهان لا في الأعيان٣. فما تدعي الفلاسفة إثباته من الجواهر العقلية، لا حقيقة لها في الخارج، وإنما هي أمور معقولة في الذهن، يجردها العقل من الأمور المعينة، كما يجرد العقل الكليات المشتركة بين الأصناف، كالحيوانية الكلية، والإنسانية الكلية، والكليات إنما تكون كليات في الأذهان لا في الأعيان٤. وهذا يفضي إلى إنكار وجود الملائكة.

الرابع: أن إطلاقهم على الله لفظ العقل، إطلاق مبتدع، وهو يحمل معنى باطل، لأنه يتضمن نفي صفات الله - تعالى -، بل نفي وجوده.


١ - انظر: بغية المرتاد ص٢٥١ - ٢٦١، مجموع الفتاوى٩/٢٧١.
٢ - انظر: الصفدية ١/٨ - ٩، ٢/٢٥١ - ٢٥٢، بغية المرتاد ص٣٥٧، منهاج السنة١/٣٤٢.
٣ - انظر: الرد على المنطقيين ص٢٧٨، الصفدية١/٢٤٣.
٤ - انظر: مجموع الفتاوى١٧/٣٢٨.

<<  <   >  >>