للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - معنى الصدور والفيض في اصطلاح الفلاسفة:

الصدور من مصطلحات الفلاسفة، وهو مرادف للفيض. ويعرف الصدور بأنه" فيض الكائنات على مراتب متدرجة من مبدأ واحد، ومنها يتألف العالم جميعه"١.

ويطلق الفيض في اصطلاح الفلاسفة على فعل فاعل يفعل دائماً لا لعوض، ولا لغرض، وذلك الفاعل لا يكون إلا دائم الوجود، لأن دوام صدور الفعل عنه، تابع لدوام وجوده، وهو المبدأ الفياض، والواجب الوجود، الذي يفيض عنه كل شيء، فيضاً ضرورياً معقولاً٢.

يقول ابن سينا: "وهو عقل محض يعقل ذاته، فيجب أن يعقل أنه يلزم وجود الكل عنه، لأنه لا يعقل ذاته إلا عقلاً محضاً، ومبدأً أولَ، وإنما يعقل وجود الكل عنه على أنه مبدؤه. وليس في ذاته مانع، أو كاره، لصدور الكل عنه، وذاته عالمة بأن كماله، وعلوه، بحيث يفيض عنه الخير"٣، وقال: "وهو فاعل الكل، بمعنى أنه الموجود الذي يفيض عنه كل وجود، فيضاً تاماً مبايناًلذاته"٤.

فنظرية الصدور والفيض تقابل الخلق، فهم يفسرون وجود العالم والكون عن طريق الصدور والفيض لا عن طريق الخلق.

٦ - الرد على الفلاسفة:

إن مصطلح الصدور والفيض، الذي يستعمله الفلاسفة، ينطوي على عدة عقائد فاسدة، وقد تحدثوا عنه في مقام كلامهم عن صدور الكثير من الواحد، حيث إن الفلاسفة قالوا: الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، وهذا بناء على المعنى الذي يريدونه بلفظ الواحد، المطلق على الله - عز وجل -، وهم يريدون بلفظ الصدور نفي الخلق، وجعل العالم لازم لذات الرب


١ - المعجم الفلسفي لمجمع اللغة العربية ص١٠٥ - ١٠٦.
٢ - انظر: المعجم الفلسفي للدكتور جميل صليبا ٢/١٧٢، المعجم الفلسفي لمراد وهبة ص٥١٦.
٣ - النجاة ٢/١٣٣.
٤ - المرجع السابق ٢/١٣٤.

<<  <   >  >>