للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمتأخر"١. فالزمان عندهم يخص مقدار حركة الفلك فقط، ويستخدم في حق المخلوق، المتحرك - في نظرهم -، فهم يفرقون بين الدهر والزمان. "فالموجود الذي لا يكون حركة ولا في الحركة، فهو لا يكون في الزمان، بل إن اعتبر ثباته مع المتغيرات فتلك المعية هي الدهر، وإن اعتبر ثباته مع الأمور الثابتة، فتلك المعية هي السرمد"٢. أما نسبة المتغير إلى المتغير فهو الزمان٣. فالزمان عند الفلاسفة ممتد مع السفليات، والدهر ممتد مع العلويات٤.

٤ - الرد على الفلاسفة:

أولاً: إن تفريق الفلاسفة بين الدهر والزمان لا دليل عليه.

ثانياً: أن أرسطو ومن تبعه من الفلاسفة، قد ظن أن جنس الزمان مقدار حركة الفلك، وهذا غلط عظيم، فإن جنس الزمان، إذا قيل الزمان مقدار الحركة، فهو مقدار جنس للحركة، لا حركة معينة، بل الزمان المعين مقدار الحركة المعينة، ولهذا كان جنس الزمانباقيا عند المسلمين بعد قيام القيامة، وانشقاق السماء، وتكوير الشمس، ولأهل الجنة أزمنة هي مقادير حركات هناك غير حركة الفلك٥. فليس الزمان محصوراً بحركة الفلك.

ثالثاً: أنهم يقولون الحركة موجودة منذ الأزل، وقدرها وهو الزمان، وفاعلها هو الذي يسمونه الجسم، لكن هذا لا يقتضي قدم شيء بعينه، فإذا قيل إن رب العالمين لم يزل متكلماً بمشيئته، فاعلاً لما يشاء، كان نوع الفعل لم يزل موجوداً، وقدره وهو الزمان موجوداً، لكن أرسطو وأتباعه غلطوا حيث ظنوا أنه لا زمان إلا قدر حركة الفلك، وأنه لا حركة فوق الفلك، ولا قبله فتعين أن تكون حركته أزلية، وهذا ضلال منهم عقلاً وشرعاً، فلا دليل يدل على امتناع حركة فوق الفلك وقبل الفلك٦.


١ - الحدود لابن سينا ضمن المصطلح الفلسفي ص ٢٥٣.
٢ - المباحث المشرقية ١/٧٩٠.
٣ - انظر: المحصل للرازي ص٩٠.
٤ - انظر: موسوعة مصطلحات الفلسفة ص٣١١.
٥ - انظر: الصفدية ٢/١٦٧، منهاج السنة النبوية ١/١٧٢.
٦ - انظر: مجموع الفتاوى ٦/٣٠١ - ٣٠٢.

<<  <   >  >>