للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - معنى الدهرية:

الدهرية هم الذين يقولون بقدم العالم وإنكار الصانع١. وهم الفلاسفة الذين تابعوا أرسطو في القول بقدم العالم، وقدم حركة الأفلاك، ودوامها، ويطلق عليهم الفلاسفة الدهرية.

ويقول ابن القيم عن الدهرية أنهم: "قوم عطلوا المصنوعات عن صانعها"٢.

وقيل الدهري من يقول بقدم الدهر، واستناد الحوادث إليه، ولكنه يقول بوجود الباري - تعالى -٣.

والدهرية فرقتان:

فرقة قالت: إن الخالق - سبحانه - لما خلق الأفلاك متحركة أعظم حركة، دارت عليه فأحرقته، ولم يقدر على ضبطها، وإمساك حركاتها.

وفرقة قالت: إن الأشياء ليس لها أول ألبتة، وإنما تخرج من القوة إلى الفعل، فإذا خرج ما كان بالقوة إلى الفعل، تكونت الأشياء مركباتها، وبسائطها، من ذاتها لا من شيء آخر.

وقالوا إن العالم دائم، لم يزل ولا يزال، لا يتغير، ولا يضمحل، ولا يجوز أن يكون المبدع يفعل فعلاً يبطل ويضمحل، إلا وهو يبطل ويضمحل مع فعله، وهذا العالم هو الممسك لهذه الأجزاء التي هي فيه٤.

فبعض الدهرية يقرون بخالق للأفلاك لكنهم يقولون بفنائه، وأن العالم بقي يسير نفسه. وبعضهم يجحد وجود خالق للعالم، ويقول بأن الشيء أوجد نفسه بخروجه من القوة إلى الفعل. فقولهم ظاهر الكفر، وهو خارج عن الفطرة التي خلق البشر عليها.


١ - انظر: بيان تلبيس الجهمية ١/١٣٩ - ١٤٠، درء التعارض ٨/١٠٦، التبصير في الدين ص٨٩، تهافت الفلاسفة ص٧٩.
٢ - إغاثة اللهفان ٢/٢٥٥.
٣ - انظر: موسوعة مصطلحات جامع العلوم للنكري ص٤٣٢.
٤ - انظر: إغاثة اللهفان ٢/٢٥٥ - ٢٥٦.

<<  <   >  >>