للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهم ينفون لفظ الاتحاد لأنه يعني أن الإثنينية، أو التعددية، هي الأصل في الوجود، وهم يرون خلاف ذلك.

فالاتحادية هم القائلون إن الوجود بأسره هو الحق، وأن الكثرة وهم، بل جميع الأضداد المتقابلة، والأشياء المتعارضة، الكل شيء واحد، هو معبودهم في زعمهم١.

ويظهر القول بوحدة الوجود، وبصورة جديدة، عند بعض فلاسفة الغرب، فهذا سبينوزا، الفيلسوف اليهودي الأصل، تظهر في فلسفته ملامح وحدة الوجود، حيث يتصور الطبيعة، أو الكون، ذات مظهرين، فهي فعالة حيوية خالقة من جهة، وهي منفعلة مخلوقة من جهة أخرى. وأن هذا الجانب المنفعل، هو المادة، وما تشتمل عليه الطبيعة من غابات وهواء وماء وغير ذلك، وهذه الطبيعة كلها من إنتاج الجانب الفعال وخلقه، وعندئذ يكون في الكون قوة خالقة تخلق الأشياء، وهي التي يسميها جوهر وهي الله - تعالى الله -، وفيه أشياء مخلوقة وهي الأعراض أو العالم، وهو يقول: "إن كل شيء كامن في الله، وكل شيء يحيا ويتحرك في الله". ويقول: "إن أعظم الخير هو معرفة الاتحاد بين العقل والطبيعة".فهو يرى أن الحقيقة هي أن انفصالنا الفردي مجرد وهم، وأننا أجزاء من مجرى القانون والسبب العظيم٢.كما يظهر في فلسفة كل من هيجل "١٧٧٠ - ١٨٣١م"، وشيلنج "١٧٧٥ - ١٨٥٤م"، وغيرهما من المثاليين الألمان، القول بوحدة الوجود، وأن المطلق هو الوجود الحقيقي، وأن الكثرة في حقيقتها واحدة٣.

فمذهب وحدة الوجود هو اعتقادهم بأن الكائنات المشهودة على كثرتها، هي عين وجود الله، وما هي إلا مظاهر لذاته المنبثة في الكون.


١ - انظر: معارج القبول ١/٣٧٠.
٢ - انظر: قصة الفلسفة لول ديورانت ص٢١٦ - ٢١٧، ٢٣٤.
٣ - انظر: المرجع السابق ص ٢٤٦، الموسوعة الفلسفية للدكتور الحفني ص٥١١ - ٥١٢، ٢٦٥، المعجم الفلسفي للدكتور صليبا ٢/٥٦٩.

<<  <   >  >>