للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب - معنى الاتحاد عند النصارى:

اختلف النصارى في معنى الاتحاد على عدة أقوال:

منهم من فسر الاتحاد بالاختلاط والامتزاج وهذا مذهب طوائف من اليعقوبية١ والنسطورية٢ والملكانية ٣، قالوا: إن الكلمة خالطت جسد المسيح ومازجته كما مازج الخمر الماء أو اللبن، فصارت شيئاً واحداً وصارت الكثرة قلة.

وقال بعض النصارى المراد بالاتحاد ظهور اللاهوت على الناسوت، كظهور الصورة في المرآة، والنقش في الخاتم. وذهب كثير من هذه الطوائف إلى أن المراد بالاتحاد الحلول٤.

وعندهم أن الاتحاد لفظة مشتقة من الواحد٥.

وعلى هذا فالمراد بلفظ الاتحاد عند النصارى هو القول باختلاط وممازجة الكلمة لجسد المسيح، أو اقتران الذات الإلهية بالمسيح، أو حلول الذات الإلهية في المسيح.

٤ - الرد على الاتحادية:

اتفقت طوائف الأمة في الرد على الاتحادية؛ من أهل الوحدة، أو النصارى، وبيان باطلهم. وأدلة إبطال قولهم كثيرة، ومن وجوه الرد عليهم:

أولاً: أن كل آية في القرآن تبين أن لله ما في السماوات والأرض وما بينهما ونحو ذلك؛ فإنها تبطل هذا القول، فإن السماوات والأرض، وما بينهما، وما فيهما، إذا كان الجميع له


١ - اليعقوبية أصحاب يعقوب قالوا بالأقانيم الثلاثة إلا أنهم قالوا انقلبت الكلمة لحما ودما فصار الإله هو المسيح وهو الظاهر بجسده بل هو هو. انظر: الملل والنحل ١/٢٢٥.
٢ - النسطورية أصحاب نسطور الحكيم الذي ظهر في زمان المأمون وتصرف في الأناجيل بحكم رأيه، قال إن الله تعالى واحد ذو أقانيم ثلاثة الوجود والعلم والحياة، وهذه الأقانيم ليست زائدة على الذات، ولا هي هو، واتحدت الكلمة بجسد عيسى عليه السلام لا على طريق الامتزاج كما قالت الملكانية، ولا على طريق الظهور به كما قالت اليعقوبية، ولكن كإشراق الشمس في كوة على بلورة، وكظهور النقش في الشمع إذا طبع بالخاتم. انظر: الملل والنحل ١/٢٢٤.
٣ - الملكانية أصحاب ملكا الذي ظهر بأرض الروم، واستولى عليها، ومعظم الروم ملكانية، قالوا إن الكلمة اتحدت بجسد المسيح وتدرعت بناسوته. انظر: الملل والنحل ١/٢٢٢.
٤ - انظر: الجواب الصحيح ٤/٧٩، التمهيد للباقلاني ص٨٦ - ٨٧، المغني للقاضي عبد الجبار٥/٨٢ - ٨٣.
٥ - انظر: مفاتيح العلوم ص٥٢.

<<  <   >  >>