للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما السنة موافقة الأدلة الشرعية، والبدعة مخالفتها. وقد يقال عما لم يعلم أنه موافق لها أو مخالف: إنه بدعة، إذ الأصل أنه ما لم يعلم أنه من الشرع فلا يتخذ شريعة ودينا، فمن عمل عملاً لم يعلم أنه مشروع فقد تذرع إلى البدعة، وإن كان ذلك العمل تبين له فيما بعد أنه مشروع، وكذلك من قال في الدين قولاً بلا دليل شرعي، فإنه تذرع إلى البدعة، وإن تبين له فيما بعد موافقته للسنة"١.

ويذكر الإمام الإسماعيلي في عقيدة أهل السنة أنهم "يرون مجانبة البدعة والآثام"٢.

والإمام أحمد يقول: "كلما ابتدع رجل بدعة اتسع الناس في جوابها"٣، وقال: "يستغفر ربه الذي رد عليهم بمحدثة"٤، وأنكر على من رد بشيء من جنس الكلام إذ لم يكن له فيه إمام تقدم٥.

وعندما قيل لأبي حنيفة: "ما تقول فيما أحدث الناس من الكلام والأعراض والأجسام؟ قال: مقالات الفلاسفة، عليك بالآية وطريقة السلف، وإياك وكل محدثة فإنها بدعة"٦.

ويفصل ابن تيمية موقف أهل السنة من الألفاظ المحدثة في النفي والإثبات فيقول: "وأهل السنة وإن كانوا يعرفون بعقولهم من المعاني الصحيحة نقيض ما يقوله النفاة، فلا يعبرون عن صفات الله بعبارات مجملة مبتدعة، ولا يطلقون القول بأن الله جسم، وأنه تحله الحوادث، وأنه مركب، ولا نحو ذلك، ولا يطلقون من نفي ذلك ما يتناول نفي ما أثبته الرسول، ودلت العقول عليه. بل يفسرون المجملات، ويوضحون المشكلات، ويبينون المحتملات، ويتبعون الآيات البينات، ويعلمون موافقة العقل الصريح للنقل الصحيح"٧.


١ - درء التعارض ١/٢٤٤.
٢ - اعتقاد أهل السنة للإسماعيلي ص ٥٣.
٣ - درء التعارض ١/٧١.
٤ - المرجع السابق ١/٧١.
٥ - انظر: المرجع السابق ١/٧١.
٦ - الحجة في بيان المحجة ١/١٠٥.
٧ - درء التعارض ٩/٣٣٥.

<<  <   >  >>