للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما كان إعجابهم بمنطق أرسطو كبيراً، ولهذا ألف كل واحد منهم رسالة في الحدود على قواعد منطق أرسطو ومصطلحاته، وبدءاً من جابر بن حيان المتوفى سنة١٦٠هجرية، يتبين لنا تدرج دخول المصطلحات الفلسفية إلى العرب، بما فيها من مصطلحات تخص العلم الإلهي - كما يسمونه -، ورسالته في الحدود تبين انتساب جابر إلى الفلاسفة، حيث يؤيد ذلك النصوص الفلسفية التي تألفت منها تلك الرسالة، وهي تدل دلالة أكيدة على أن معرفة جابر بالفلسفة اليونانية وثيقة وأكيدة١.

ثم ننتقل إلى رسالة الحدود والرسوم للكندي المتوفى سنة٢٦٠ هجرية، ونجد أن كثيراً من التعريفات التي ضمنها رسالته يرجع إلى الفلسفة اليونانية٢. أما الفارابي المتوفى سنة ٣٣٩ هجرية فقد امتلأت رسائله الصغيرة، وكتبه المطولة، على السواء بعدد ضخم من الحدود والرسوم للمصطلحات الفلسفية٣. كما نجد الخوارزمي الكاتب المتوفى سنة ٣٨٧ هجرية قد ألف كتاب مفاتيح العلوم، وأفرد فيه باباً للألفاظ الفلسفية، وباباً للمنطق. وابن سينا ألف رسالة في الحدود والرسوم على نسق رسالة الكندي في الحدود والرسوم، فهي مأخوذة من الفلسفة الأرسطية٤، كما ألف الشفا والنجاة في المنطق والإلهيات وهي مليئة بالمصطلحات الفلسفية.

يقول ابن سينا في مقدمة كتابه النجاة: "فبدأت بإيراد الكفاية من صناعة المنطق لأنه الآلة العاصمة للذهن عن الخطأ فيما نتصوره ونصدق به، والموصلة إلى الاعتقاد الحق بإعطاء أسبابه ونهج سبله"١.

فهؤلاء الفلاسفة خلطوا علوم المسلمين بعلوم اليونان، وجعلوا فلسفة اليونان هي الأصل الذي تبنى عليه العلوم، فأفسدوا بذلك، وحرفوا كثيراً من الألفاظ والمصطلحات في أصول الدين وعلوم الشريعة.


١ - انظر: المصطلح الفلسفي عند العرب للدكتور الأعسم ص ١٧ - ١٨، ٢١، الفهرست لابن النديم ص٤٩٨ - ٤٩٩، كشف الظنون ٢/١٤٥٠، ١٩١١، وانظر رسالة الحدود لجابر بن حيان، وهي مطبوعة ضمن كتاب المصطلح الفلسفي ص ١٦٤ - ١٨٥.
٢ - انظر: المصطلح الفلسفي عند العرب ص٣٧، رسالة الحدود والرسوم للكندي ضمن المصطلح الفلسفي ص ١٨٩ - ٢٠٣.
٣ - انظر: المصطلح الفلسفي عند العرب ص٤٧، وانظر رسالة الألفاظ المستعملة في المنطق للفارابي وغيرها من مؤلفاته.
٤ - انظر: المصطلح الفلسفي عند العرب ص ٦٧.
١ - النحاة ١/٦.

<<  <   >  >>