للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما كان بمعنى الأكل والشرب]

ما هو الخامس من المفطِّرات؟ الأكل، والشرب، والجماع، والإنزال؛ إنزال المني بفعل من الإنسان.

ما كان بمعنى الأكل والشرب.

نعم.

ما كان بمعنى الأكل والشرب فإنه مفطِّر، وهي: الإبر المغذية، ليست التي تنشِّط الجسم، لا، الإبر المغذية التي يُستغنى بها عن الأكل والشرب، بمعنى: أنه إذا تناولها الإنسان اكتفى عن الأكل والشرب، هذه مفطِّرة؛ لأنها بمعنى الأكل والشرب، انتبه! إذا قال قائل: ما هي أكل ولا شرب، نقول: إنها قائمة مقام الأكل والشرب، والشريعة الإسلامية لا تفرق بين متماثلين، ولا تجمع بين مختلفين، فإذا كان هذا بمعنى الأكل والشرب وجب أن يُعطى حكم الأكل والشرب.

إذاً: فساد الصوم بهذه الإبر المغذية من باب القياس أو من باب النص؟ من باب القياس، ما فيه دليل لا من القرآن ولا من السنة؛ لكن فيه قياس.

وبناءً على ذلك فإن قاعدة من ينكرون القياس تقتضي ألا تكون هذه الإبر مفطِّرة، أليس كذلك؟ لأن الذين ينكرون القياس مثل الظاهرية رحمهم الله يقولون: ما فيه أكل وشرب، غيره ما نقبل أنه يكون مفطِّراً، ونحن ننكر القياس.

وعلى قولهم تكون هذه الإبر غير مفطِّرة.

لو جاءنا رجل فقيه غير ظاهري من أصحاب القياس والمعاني وقال: هذه الإبر لا نوافقكم في قياسها على الأكل والشرب؛ لأنها تختلف عن الأكل والشرب، والقياس لابد فيه من تساوي الأصل والفرع في علة الحكم.

الأكل والشرب تحصل فيه لذة عند الأكل، يتلذذ الإنسان فيه بفمه، وبلعه، وملء معدته منه، فيجد لذة وراحة.

هذه الإبر هل يجد فيها ذلك؟ لا، لا يجد فيها ذلك، أليس كذلك؟ نعم.

لا يجد فيها ذلك، ولذلك يقولون: أنتم لا تقيسون جماع الرجل لزوجته بين فخذيها على جماعه إياها في فرجها، مع أنه في كل منهما لذة، وفي كل منهما إنزال؛ لكن لذة الجماع غير لذة الفخذين.

إذاً: لذة الأكل والشرب غير لذة هذه الإبر.

فإذاً: لا تقيسونها.

الحقيقة: لو قال لنا قائل هذا القول لتوقفنا، ما هناك جواب بيِّن على هذا الإيراد؛ لكننا نقول: من باب الاحتياط: أن الإنسان لو تناول الإبر المغذية التي تغني عن الأكل والشرب، فإنها تفطِّر، ثم إن الغالب أن الإنسان لا يتناول هذه الإبر إلا وهو مريض يحتاج إلى الفطر، فنقول: الحمد لله، إذا تناولت هذه، اضطررت إليها وتناولتها، فأنت الآن مفطر، كُلْ إن أمكنك واشرب؛ لأنك مفطر بسبب المرض.

إذاً: ليس القول بتفطير هذه الإبر المغذية قولاً يقينياً؛ ولكنه قول احتياطي، أما الإبر الأخرى التي لا تغني عن الطعام والشراب؛ فإنها لا تفطر، ولا إشكال عندي فيها، سواء أُخِذت عن طريق الوريد، أو عن طريق العضلات، أو من أي طريق؛ حتى لو نشَّطت البدن، وحصل فيها تنشيط للبدن، أو شفاء للبدن، فإنها لا تفطِّر؛ لأن العلة ليست تنشيط البدن، العلة تغذيته عن طريق الأكل والشرب، وإلا لقلنا: كل منشِّط مفطِّر، ومعلوم أن الإنسان لو اغتسل في أيام الحر، ينشط وإلا لا؟! ينشط بلا شك، هل نقول: يفطر؟ لا، ما نقول: يفطر.

إذاً: لا يمكن لإنسان نظر بتأمل أن يقول: إن جميع الإبر مفطِّرة، لا، ما يمكن، بل نقول: إن الإبر التي لا يُستغنى بها عن الطعام والشراب غير مفطِّرة مهما كانت، من أي نوع كانت، ومن أي مكان ضُرِبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>