للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كيفية نصح المقصر في صلاة الجماعة والمستهزئ بالمتدينين]

السؤال

زوجي يصلي الأوقات كلها ولكن في غير المسجد، يصليها في المنزل وهو يصوم أيضاً، لكن يكثر الكلام عن الدين والمتدينين والاستهزاء بهم، وأنا أناصحه في ذلك على قدر استطاعتي، فما نصيحتكم وما رأيكم يا فضيلة الشيخ؟!

الجواب

رأيي أن تستمري في نصيحته، أنا أخاطب المرأة السائلة أن تستمر في نصيحة زوجها، ولعل الله أن يهديه لكن لا تستمروا في نصيحته على وجه يضجره، بل تتحين الفرص إذا كان هادئ البال، طيب القلب، مطمئناً راضياً تحدثه، أما أن تضجره كلما دخل قالت: صلِ مع الجماعة، كلما دخل قالت: صلِ مع الجماعة، جلس يأكل يتغدى قالت: صلِ مع الجماعة، يتعشى قالت: صلِ مع الجماعة يشرب القهوة قالت: صلِ مع الجماعة، هذا تضجره ربما يغضب ويقول شيئاً يخرجه من الدين وهو لا يدري.

وأما كونه يسخر بأهل الدين، فهذه نقطة هامة يجب الوقوف عندها، إن سخر بأهل الدين من أجل ما هم عليه من الدين، يعني كراهة لدين الله فهذا كفر مخرج عن الملة، ولو صلى وصام، لأن الله يقول: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:٦٥-٦٦] كفرهم الله بعد إيمانهم لاستهزائهم بالله وآياته ورسوله.

أما إذا كان يكرههم لا للدين الذي هم عليه، فهذا لا يكفر لكنه أخطأ خطأً عظيماً، لأن الواجب علينا محبة من يحب الله ورسوله، لكن قد يقول لي قائل: كيف نفرق بين من يستهزئ بالمتمسكين بالدين على وجه شخصي، أو يستهزئ لأنه متمسك بالدين؟ يعني قد يقول الإنسان: لا أعرف الفرق، كيف الفرق؟ نقول: لو أن أحداً من الناس الذين يجلهم هذا الرجل، فعل مثل ما فعل هؤلاء الملتزمون، ما كرهه فهذا نعلم أنه لم يكره الدين وإنما كره هؤلاء لأشخاصهم، لكن لو فعله واحد غيرهم ممن يجله ويعظمه، ما كرهه وهذا شيء يقع كثيراً، أي: ما أحب أسمي شخصاً بعينه حتى أضرب به المثل لكن لو وجد عالم من علمائنا المعتبرين، الذي هم محل الثناء عند الناس فعل مثل ما فعل هؤلاء الأخوة الملتزمون، لم تجد هذا الرجل يسخر منه ولا يستهزئ به، لكن إذا فعله هؤلاء سخر منهم.

إذاً الاحتقار هنا لما هم عليه من الدين أم لأشخاصهم؟ هذا واضح بأنه لأشخاصهم بدليل أنه لو فعله إنسان آخر يجله ما استهزأ فهذا هو الفرق.

على كل حال نصيحتي لهذا الرجل أن يقوم بما أوجب الله عليه من الصلاة مع الجماعة، وليعلم أن تركه للجماعة نقص في صيامه وفي دينه أيضاً، لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وترك الجماعة في المساجد لا شك أنه معصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>