للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم التصدق بعمل ولائم في مجتمعات غير فقيرة]

السؤال

ما حكم الذبائح في رمضان التي تصنع منها الولائم وهي ما تسمى بعشاء الوالدين، وهل هي أفضل من التصدق بالمال أم بما يحب الناس من الأرزاق وغيرها؟ أفيدونا أفادكم الله؟

الجواب

عشاء الوالدين تسمية حديثة، وأصلها أن الناس فيما سبق فيهم إعواز، وفيهم فقر، ويفرحون بالطعام، إذا حصل لهم، ومن المعلوم أن رمضان من أفضل أوقات الصدقة فكان الناس يحرصون على أن يطعموا الطعام في رمضان، فيصنعون طعاماً للفقراء، يأتون ويتعشون ويحصل في هذا خير كثير.

أما في الوقت الحاضر فمن المعلوم أن الطعام الآن -ولله الحمد- يستغني عنه أكثر الناس، بل أحياناً تدعو الناس أن يأتوا للطعام ولا يجيبك أحد؛ لأن كل واحد مستغنٍ ولله الحمد، ففائدة الطعام الآن قليلة، فلو أنه صُرف هذا الذي يُنفق في الطعام، صُرف دراهم للفقراء لكان أنفع وأفيد وأفضل.

وأما ما يفعله بعض الناس الآن وهي حادثة أيضاً حديثة، أنهم يصنعون كل يوم ولائم، ويذبحون الذبائح، ويقولون: هذه عِشوة، فهذه إذا قصدوا بها التقرب فهي بدعة بلا شك؛ لأن هذا ليس من عادة السلف، والذبح لا يكون قربة إلا في الأضاحي والهدي إلى البيت الحرام والعقيقة، أما رمضان ما فيه ذبح، فيه ذبح للأكل، ما هو ذبح ليتقرب به الإنسان إلى الله عزَّ وجلَّ، وهذه مسألة سمعتُ الآن أنه يجتمع الناس من الحارة، يجعلونها كل ليلة عند واحد، ذبيحة أو ذبيحتان، فهي في الحقيقة ولائم وليست صدقات، ويحصل فيها من إتلاف الأموال وإضاعتها ما هو معلوم.

ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى أن ندعو للأموات، ونجعل العمل لنا، الأعمال الصالحة اجعلها لنفسك، صلاة قراءة قرآن صدقات، اجعلها لنفسك، واجعل الميت له الدعاء، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له) .

والعجيب أن بعض الناس إذا تصدق لنفسه، يكون في إخلاصه ورجاء الثواب أضعف مما إذا تصدق عن ميت! تجده إذا تصدق عن الميت يشعر بأنه سيثاب على ذلك، ويشعر بأن هذا فيه قربة، وإذا تصدق عن نفسه صار أضعف عنده، وهذا لا شك من الجهل.

فأنت يا أخي! انفع نفسك، واجعل لأمواتك الدعاء، هذا هو المشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>