للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المؤلفة قلوبهم]

الصنف الرابع: المؤلفة قلوبهم: قال تعالى: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة:٦٠] لماذا أنث المؤلفة مع أن (القلب) مذكر؟ لأن القلوب جمع.

وكل جمع مؤنث، نعم، كما قال الزمخشري:

لا أبالي بجمعهم كل جمع مؤنثُ

نعم، كل جمع مؤنث، فيجوز تأنيثه إلا جمع المذكر السالم فإن اللغة المشهورة أنه لا يؤنث، فلا يصح أن تقول: جاءت المسلمون؛ لكن يصلح أن أقول: جاءت الرجال؛ لأن الرجال جمع تكسير، والمسلمون جمع مذكر سالم.

قال ابن مالك:

والتاء مع جمعٍ سوى السالم مِنْ مذكرٍ كالتاء مع إحدى اللَّبِنْ

إذاً: المؤلفة قلوبهم أُنِّث الوصف؛ لأن القلوب جمع، فيجوز تأنيثه.

المؤلفة قلوبهم يعني: الذين يُعطَون من الزكاة لتأليف قلوبهم وجذبها إلى الإسلام وإلى الإيمان، قال العلماء: والمؤلفة قلوبهم أصناف: أولاً: مَن يُعطى ليَقوَى إيمانُه.

والثاني: مَن يُعطى ليُؤمِن نظيرُه.

والثالث: مَن يُعطى ليُدفَع شرُّه.

كل هؤلاء من المؤلفة قلوبهم.

والرابع: مَن يُعطى لإيمانه، يعني: ليُؤمِن، ليس ليَقوَى إيمانه، بل ليُؤمِن.

فنعطيهم لهذه الأغراض.

رجل رأيناه مقبلاً على الإيمان؛ لكن يحتاج إلى جذب، فأعطيناه من الزكاة ليؤمن، نقول: صحيح؛ لأنه مؤلَّفٌ قلبُه.

رجل آخر مؤمن لكن إيمانه مهزوز، فأعطيناه ليثبت، يصح.

الثالث: مؤمن؛ لكن له نظير إذا أعطينا هذا ورأى الأموال أسلم نظيره، نعطيه من أجل أن يسلم نظيره، فهنا المصلحة لغيره، أعطيناه مع أن المصلحة لغيره.

الرابع: أن يكون هناك إنسان شرير من المسلمين فنعطيه لكف شره وأذاه.

كل هؤلاء من المؤلفة قلوبهم.

ولكن اختلف العلماء: هل يُشترط أن يكونوا سادة ذوي طاعة في قومهم -لأن السادة إذا صلحوا صلح من تحتهم- أو لا يُشترط ذلك؟ فأكثر العلماء على أن المؤلفة قلوبهم لابد أن يكونوا سادة كبراء في قومهم، حتى نكسبهم ومَن وراءَهم.

ولكن بعض العلماء يقول: بل نعطي المؤلَّف، وإن لم يكن سيداً في قومه من أجل إقامة دينه، وإذا كنا نعطيه إذا كان فقيراً لغذاء البدن؛ فالمؤلَّف قلبُه نعطيه لأجل غذاء الروح وتقوية الإيمان، وتقوية الإيمان عند الرجل أهم من أن يُملأ بطنُه من الطعام.

والراجح: أن ولي الأمر ينظر للمصلحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>