ثانياً: يجيب المؤذن وهو يفطر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن) لكن في حيَّ على الصلاة تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله! يجيب ويدعو وهو مفطر، يجمع بين عبادتين، ثم بعد ذلك يخرج من بيته يمشي إلى أي شيء؟ إلى المسجد متطهراً، لا يخطو خطوة واحدة إلا رفع الله له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، يقدم رجله اليمنى، هذه سنة قولية أو فعلية؟ فعلية، ويقول: باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، هذه سنة قولية، يسأل الله أن يفتح له أبواب رحمته.
ثم يدخل مع الإمام يصلي مع الإمام كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم، فيتقرب إلى الله في هذه الصلاة من وجهين: الوجه الأول: أنه يؤدي فريضة من فرائض الإسلام وهي الصلاة.
الوجه الثاني: أنه يتابع الإمام، ومتابعة الإمام فيها أجر وعبادة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، قال:(إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا) إذاً: تكون عبادة، فيؤدي عبادتين: فريضة الإسلام، واتباع الإمام الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم باتباعه.
أما إذا أتينا إلى الصلاة أو نظرنا إلى الصلاة، فيالها من روضة يانعة فيها من كل فاكهة زوجان، تكبير لله قرآن تسبيح دعاء هيئات متعددة كلها تنبئ عن التعظيم، أنت ترفع يديك عند التكبير تعظيماً لله تركع تعظيماً لله، ولهذا تقول في ركوعك: سبحان ربي العظيم، لتجمع بين التعظيم القولي والتعظيم الفعلي، إذا رفعت تثني على الله عز وجل؛ لأنه مجيبٌ لمن حمده، سمع الله لمن حمده يعني: أجاب لمن حمده، وتحمد الله عز وجل، ثم تسجد على الأعضاء السبعة، هذه الأعضاء تتناول أدنى ما في البدن وأعلى ما في البدن، ما هو أدنى ما في البدن؟ القدمان، وأعلى ما في البدن؟ الوجه، تسجد كلك، من هامك إلى إبهامك تعظيماً لله عز وجل.
ترى أعلى ما فيك وأشرف ما فيك في مداس الناس في الأرض، والله! لو أمرك أكبر ملك في الدنيا أن تسجد له ما وافقت إطلاقاً، لأبيت أشد الإباء، لكنك ولله الحمد تنقاد وبكل سهولة، وتتلذذ بهذا أيضاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(وجعلت قرت عيني في الصلاة) في سجودك تبتهل إلى الله عز وجل.
تجتهد في الدعاء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:(وأما السجود فأكثروا في الدعاء، فقَمِنٌ أن يستجاب لكم) .
ثم ترفع وتجلس بين السجدتين وتسأل الله المغفرة والرحمة والهداية، وتعيد السجود مرة ثانية.
الله أكبر! الركوع مرة واحدة والسجود مرتين، لأن السجود أشد خضوعاً وخشوعاً، لأنك لست تنحني فقط بل تنحني وزيادة، وتضع أشرف ما فيك على الأرض ولهذا كُرِّر في الصلاة، ولم يكرر الركوع في الصلاة إلا في صلاة الكسوف، لأنها صلاة خوف ورهبة، فلهذا كرر فيها الركوع تعظيماً لله عز وجل، ثم عند ختام الصلاة تثني على الله بالتحيات، وبالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم تسلم عليه، وبالسلام عليك وعلى عباد الله الصالحين، وبالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبالاستعاذة بالله من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال.
ما زلنا الآن في أول الليل، ما هي الصلاة التي أديناها؟ صلاة المغرب.