للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العاملون عليها]

الثالث: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة:٦٠] : انتبه لكلمة (عامل عليه) ، ولم يقل: (العامل فيها) ، {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} و (العاملين فيها) بينهما فرق عظيم: العامل عليها يعني: الذي له ولاية عليها، ولهذا جاء حرف الجر (على) دون (في) ، فمن هو العامل عليها؟ هو الموكل من قبل ولي الأمر على قبض الزكاة من أهلها وصرفها في مستحقها، هذا العامل عليها.

إذاً: العمالة نوع من الولاية.

أما العامل فيها فليس له حق منها، ولنضرب مثلاً يتضح به المقام: أرسل ولي الأمر هيئة لقبض الزكاة من سائمة بهيمة الأنعام، من الإبل، فقبضت من الزكاة أربعين بعيراً، هذه الإبل تحتاج إلى راعٍ، استأجرنا لها رعاة، فعندنا الآن على هذه الإبل عاملون عليها وهم: الهيئة الذين نصبهم الإمام، أو نصبهم ولي الأمر، وعندنا عاملون فيها وهم: الرعاة.

العاملون عليها يُعطَون نصيبهم من الزكاة، وأما العاملون فيها فيُعطون نصيبهم من بيت المال، يُجعل لهم راتب من قبل ولي الأمر، ولا يأخذوا شيئاً من الزكاة؛ لأن الله قال: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة:٦٠] ولم يقل: العاملين فيها.

هؤلاء نعطيهم لحاجتهم؟ أو للحاجة إليهم؟ للحاجة إليهم.

نعم، للحاجة إليهم، ولهذا نعطيهم ولو كانوا أغنياء؛ لو كان العامل عليها غنياً ثرياً عنده أموال كثيرة أعطيناه من الزكاة؛ لأننا لسنا نعطيه لحاجته، بل للحاجة إليه.

حسناً! هذا رجل معتبر في البلد يعطيه الناس زكواتهم يفرقها، هل يكون من العاملين عليها؟ لا؛ لأننا قلنا: العاملون عليها الذين ينصبهم مَن؟ ولي الأمر، لهم ولاية؛ لكن هؤلاء وكلاء عن أصحاب الزكاة وليسو عاملين عليها، فالذي عليه الزكاة يجب أن يؤديها إلى الفقير إما بنفسه وإما بوكيل، وهؤلاء وكلاء عمَّن عليهم الزكاة، عن أصحاب الأموال؛ ولذلك لا يعطَون من الزكاة على أنهم عاملون عليها.

ولو تلف المال عند هذا الرجل، هل يكون مضموناً للفقراء أو لا؟

الجواب

مضمون للفقراء على كل حال؛ لكن إن كان متعدياً أو مفرطاً فالضمان عليه دون صاحب المال، وإن كان غير متعدٍّ ولا مفرِّط فالضمان على صاحب المال.

المهم أن المال مضمون للفقراء؛ لكن لو تلف المال عند العاملين عليها، هل يكون مضموناً للفقراء؟ لا؛ لأن العامل عليها يقبضها باسم ولي الأمر، فإذا دفع أهل الأموال الزكاة إلى العاملين عليها فقد برئت ذممهم؛ لأن العاملين عليها أيديهم أيدي ولاة الأمور، فقد وصلت إلى أصحابها، انتبهوا! وبناءًَ على ذلك فإن جمعيات البر الخيرية المصرَّح لها من قبل الدولة إذا وصلها المال، فقد برئت ذمم أصحاب المال؛ لأن هؤلاء وكلاء عن الدولة وعن ولي الأمر، بخلاف الذي يُرسل أهل الأموال زكاتهم إليه، لكونه عارف بالبلد، وثقة، فإن هذا لو تلف المال عنده لكان مضموناً للفقراء.

عليه أو على صاحب المال؟ حسب التفصيل الذي ذكرنا؛ عليه إن فرَّط أو تعدى، وإلاَّ فعلى صاحب المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>