للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القيء عمداً

السادس: القيء عمداً.

لو أن الإنسان تقيأ عمداً، أدخل إصبعه مثلاً في فمه حتى قاء، أو نظر إلى شيء كريه حتى قاء، وجعل ينظر إليه حتى قاء، أو شمَّ رائحة كريهة وجعل يتعمدها؛ لأجل يقيء فقاء، أو عصر بطنه بشدة حتى تقيأ، نعم.

المهم إذا قاء عمداً فإن صومه يفسُد ويبطُل.

نأخذ بالقاعدة، ماذا؟ ما هو الدليل؟ الدليل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه -ذرعه القيء يعني: غلبه- ومن استقاء عمداً فليقضِ) هذا الحديث.

وفيه أيضاً تعليل، وهو أن الإنسان إذا قاء، وأخرج ما في معدته من الطعام لحقه الهزال والجوع الشديد، ولاسيما إذا تقيأ من أول النهار، وفي الأيام الطويلة، لابد أن يلحق الجسم تعب شديد.

فمن رحمة الله نقول: إذا تقيأ الإنسان عمداً إن كان لغير عذر فهو حرام عليه في الصوم الواجب؛ لأنه يفسد صومه.

وإن كان لعذر قلنا: من رحمة الله أن نقول: إنك أفطرت، لماذا؟ لأنه إذا تقيأ لعذر يبيح له الفطر قلنا له: الآن كُل واشرب؛ لأن كل من أفطر لعذر شرعي، فإنه يجوز أن يأكل ويشرب.

خذوا بالكم من هذه القاعدة، فهي مفيدة أيضاً: كل من أفطر لعذر شرعي في أول النهار فإنه يجوز أن يأكل ويشرب بقية النهار، فهمتم القاعدة هذه؟ إي نعم، هذه القاعدة مفيدة جداً للإنسان، فنقول لهذا الرجل الصائم: إذا قال لك الأطباء، أو أنت رأيت أنه من الضروري أن تتقيَّأ، افرض أن الإنسان أكل طعاماً متسمماً، الطعام المتسمم من أقوى علاجه أن يتقيأ الإنسان الطعام، فإذا تقيأه خرج هذا الطعام المتسمم، وخف عليه، فإذا فعل هذا قلنا له: الآن قمت تقيأت بعذر شرعي، فكُل واشرب حتى تعود عليك قوة بدنك.

فصار القول بأن القيء مفطِّر من رحمة الله؛ لأنه إذا كان الإنسان غير محتاج إليه قلنا له: لا تتقيأ في الصوم الواجب، تفسد صومك، وإن احتاج إليه قلنا: تقيأ وكُل واشرب بقية يومك؛ لأن القاعدة التي ذكرنا أن مَن أفطر لعذر شرعي فإن له أن يأكل ويشرب بقية اليوم.

عرفتم يا جماعة؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>