أخبرنا الصادق الذي لا ينطق عن الهوى أن أمراً كونياً قدرياً سيحدث بدون تدخل من بشر، إنه أمر قدره الله وقضاه، وسيقع في الكون، كما سينزل عيسى بن مريم، وكما سيخرج الدجال، وكما سيظهر يأجوج ومأجوج، ألا وهو ظهور محمد بن عبد الله المهدي عليه السلام، ولقد بلغت الأحاديث في شأن المهدي مبلغ التواتر، ولو خرج علينا من ينكر هذه الأحاديث فقد خرج علينا من ينكر وجود الله أصلاً، وخرج علينا من رد أحاديث المهدي، وقد خرج علينا قبل ذلك من رد كثيراً من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله، لكن جمهور أهل السنة من علماء الأمة يقولون: إن الأحاديث في شأن محمد بن عبد الله المهدي قد بلغت مبلغ التواتر، والحديث المتواتر عند جماهير علماء السنة يفيد العلم القطعي، ومن ثم فالعلم به واجب، والعمل به لازم، وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد في مسنده وغيره حديث علي رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة) يعني: نستيقظ في صبيحة ليلة من الليالي؛ فيفتح أحدنا التلفاز، أو الإذاعة، أو يقرأ في الجرائد والمجلات، فيجد هذا الخبر قد تصدر كل وكالات الأنباء: خبر ظهور محمد بن عبد الله المهدي في بيت الله الحرام، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وغيره من حديث حذيفة بن اليمان:(تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ... ) هذا وعد الصادق صلى الله عليه وسلم، وإن الأمة الآن تعيش مرحلة ملك جبري.
وروى البزار والطبراني وأبو داود وابن حبان بسند صحيح من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لتملأن الأرض جوراً وظلماً، فإذا ملئت الأرض جوراً وظلماً يبعث الله رجلاً مني اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت الأرض جوراً وظلماً، فلا تحبس السماء شيئاً من قطرها، ولا الأرض شيئاً من نباتها، يمكث فيكم سبعاً أو ثمانياً فإن أكثر فتسعاً) .