الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الفضلاء! وأيتها الأخوات الفاضلات! وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا جميعاً من أهل السعادة في الدارين، وأستهل هذا اللقاء الجليل بهذا الدعاء الكريم المبارك:{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}[الفرقان:٧٤] .
الحياة الزوجية مملكة إيمانية كريمة، لا يعرف قدر هذه المملكة كثير من الأزواج، فالزوجان معاً في هذه المملكة لهما قدر كبير، ومكانة عظيمة، أما الزوج فبما جعل الله عز وجل له من قوامة، كما في قوله سبحانه وتعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء:٣٤] ، وأما الزوجة فملكة متوجة كريمة في هذه المملكة الإيمانية، فهي شريكة الحياة، ورفيقة الدرب، وقرة العين، قال الله جل وعلا:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم:٢١] .
ولاحظ أن الرعية في هذه المملكة الإيمانية الكريمة هم ثمرة الفؤاد، ولب الكبد، وزهرة الحياة الدنيا، هم الأولاد، قال جل وعلا:{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً}[الكهف:٤٦] .
هذه المملكة الإيمانية إن ظلل سماءها في البيت منهج رب البرية، ومنهج سيد البشرية، وارتوى نباتها بماء الحب والمودة والرحمة الندية، آتت هذه المملكة ثمارها كل صبح وعشية، وإذا ظهر يوماً في أرضها نبتة سوء لمشكلة يومية أو أسرية، فإنها حتماً ستذبل أو ستموت؛ لأنه لا يمكن على الإطلاق أن تنبت مثل هذه النبتة في هذه الأرض التقية النقية الزكية، فالحياة الزوجية حياة جليلة كريمة، الزوج والزوجة فيها ملكان متوجان، وما وقعت هذه المشاكل إلا لما غاب عن هذه الأسر منهج الله، ومنهج سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يعرف كل من الزوجين ما له وما عليه من الحقوق والواجبات.
واسمح لي أن نستهل الحديث اليوم في هذا اللقاء عن حق الزوجة وذلك تأدباً منا بأدب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا بقوله:(استوصوا بالنساء خيراً) ، فامتثالاً منا لهذا الأمر النبوي الكريم، نبدأ بالحديث عن حق الزوجة المسلمة.