مداخلة: العلاقة الزوجية اليوم عبارة عن صراع، وكل من الزوجين يريد أن يسيطر على الآخر، ويوجد من شباب هذه الأيام من يبحث عن زوجة صالحة ولا يفكر أنه يبحث عن زوجة تعينه على دينه وهو كذلك يعينها على طاعة الله.
الشيخ: هذا هو الحق الثاني -بلا نزاع-: وهو أن يكون الزوج عوناً لزوجته على طاعة الله سبحانه وتعالى، فالحياة الزوجية ليست مكاناً للطعام والشراب، والاستمتاع الجسدي فحسب، وإنما ينبغي أن نبحث عن الغاية التي من أجلها أنشئت الأسرة، فنحن بكل أسف نبحث عن الغاية من خلق كل شيء وجد من أجلنا، وننسى أن نبحث عن الغاية التي وجدنا نحن من أجلها.
قال الله سبحانه:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:٥٦] ، فهذه الأسرة المسلمة لبنة عظيمة في صرح الأمة الإسلامية، فينبغي أن تعي الأسرة الغاية التي من أجلها أنشئت، فليست مرتعاً للطعام والشراب والاستمتاع الجسدي فحسب، وإنما يجب أن يكون الزوج عوناً لزوجته على طاعة الله سبحانه، يا حبذا لو أمرها بالإنفاق يا حبذا لو أطلق يدها لتنفق في سبيل الله، ولا حرج على الإطلاق إن أخبرها بأنه قد سامحها لو أنفقت شيئاً من ماله في مرضاة الله سبحانه، حتى ولو كانت النفقة على أهلها إن كانوا يستحقون هذه النفقة يعاونها على قراءة القرآن يأخذ بيدها إلى بيوت الله سبحانه وتعالى يستمع معها شريطاً أو يرى معها شيئاً يذكرهما بالله عز وجل.
يا حبذا لو جلس مع امرأته يوماً وجمع أولاده وقال: هيا بنا لنجعل لنا ورداً يومياً مع كتاب الله سبحانه وتعالى هيا بنا لنجعل لنا ورداً يومياً مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو على الأقل لو اجتمع معها ومع أولاده في الأسبوع مرة ليجتمعوا جميعاً على كتاب الله، أو على كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو على أي ذكر من الأذكار، حتى ولو خرج بها في الخلاء وفي أماكن المنتزهات أو في أماكن جميلة، وقضى معها وقتاً جميلاً، وبعد ذلك قال: هيا بنا لنجلس مثلاً مع كتاب الله، لنستمع إلى شريط من أشرطة أهل العلم.
إلى غير ذلك.
ينبغي أن يكون الزوج عوناً لزوجته على طاعة الله سبحانه وتعالى، ففي الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجة بسند صحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال:(رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته -يعني: لتصلي معه- فإن أبت نضح في وجهها الماء) ، الرسول يقول (نضح) وليس أغرقها في الماء! فقد أرسلت إلي الأسبوع الماضي أخت فاضلة رسالة تقسم لي بالله فيها أن زوجها إذا أراد أن يوقظها لصلاة الفجر وتلكأت بعض الشيء لتعبها أو لمرضها، تقسم لي بالله أنه يذهب إلى الثلاجة ليأتي بزجاجة كاملة ويصب الزجاجة كاملة عليها! بدعوى أنه يوقظها لصلاة الفجر! أهذا خلق؟! ليس هذا من خلق النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن الزوج بهذا الفعل يكون سبباً رئيساً في أن تبغض هذه الزوجة صلاة الفجر، بل في أن تبغض الصلاة، بل في أن تبغض الدين كله.
فينبغي أن يكون الزوج رقيقاً لطيفاً، وأن يحب لزوجته ما يحب لنفسه، ولا يمكن على الإطلاق أن الزوج هذا يقبل أن توقظه امرأته لصلاة الفجر يوماً بنفس الطريقة التي أراد أن يوقظها بها لصلاة الفجر، والله لا يقبل هذا، وربما طلقها في التو واللحظة، وألقى عليها يمين الطلاق، فعلى الزوج المؤمن أن يعامل امرأته برفق وإحسان، وكثيراً ما أنصح إخواننا وأحبابنا ممن مَن الله عليه بالالتزام والهداية وهو يريد أن يحول امرأته في التو واللحظة إلى ما صار عليه مع أنه لم يكن كذلك، أذكرهم بقول الله:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}[طه:١٣٢] ، وأذكرهم أيضاً بقول الله:{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}[الحجرات:١٧] .
ولا تغفل عن قول الله عز وجل:{كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا}[النساء:٩٤] ، فيجب على الزوج أن يكون عوناً لزوجته على طاعة الله، كما يجب أن تكون زوجته هي الأخرى عوناً له على طاعة الله عز وجل.