للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصة: صلِّ يا حمار!

والله الذي لا إله غيره، لقد رأيت -وأنا في طريقي إلى مسجد من المساجد- رجلين التقى كل منهما بالآخر، ويبدو أن أحدهما كان على سفر، فتعانقا وتصافحا في ساحة المسجد، في المكان الذي يتوضأ فيه الناس.

فقد دخل الرجلان بيت الله للصلاة، وبعد ذلك وقفا وتكلما: كيف الحال؟ وأنت فعلت ماذا وطال الوقوف، وإذ بأحد الإخوة أراد أن يذكر الرجلين بالدخول إلى المسجد حينما سمع المؤذن يقيم الصلاة، فوجدت هذا الرجل، ودخلت بقدر الله في هذا التوقيت، وإذ بهذا الأخ يقول للرجلين: صلّ يا حمار أنت وهو؛ فاقتربت منه، وأسكته آخذاً بكتفه وقلت له: لن يصليا، قال: كيف يا شيخ؟ قلت: لن يصليا يا أخي، قال: كيف لن يصليا؟ قلت له: هل فرض ربنا الصلاة على الحمير؟! الحمير لا تصلي؛ فاستحيا، قال: معذرة، قلت: اعتذر لهما يا أخي، لا تعتذر لي!! هذه ليست طريقة دعوة إطلاقاً، نحن بذلك نخسر! أهل الباطل يتفننون في جذب القلوب إلى باطلهم، فيجب على أهل الحق أن يوصلوا الحق الذي معهم إلى القلوب بالحق بالحكمة بالرحمة بالتواضع بالأدب؛ هذه أخلاق سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم.

الزم هذا المفتاح تدخل به إلى البشرية! مداخلة: معناه أن النفس البشرية مختلفة.

الشيخ: نعم، مختلفة، وهل تعرف ما المفتاح؟ حكمة، رحمة، تواضع، أدب، لا ينبغي على الإطلاق أن أخاطبك ولسان حالي يقول: أنا التقي وأنت الشقي، أنا الطائع وأنت المذنب، أنا المطيع وأنت العاصي، أنا العالم وأنت الجاهل! لا، {كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا} [النساء:٩٤] ، تذكر: إن كنت عالماً فمن الذي علمك؟ {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات:١٧] .

<<  <  ج: ص:  >  >>