مداخلة: توجد ظاهرة عجيبة في هذا العصر في أغلب البيوت، وهي: أن الزوجة تريد أن تفصل الزوج عن أهله، والزوج يريد أن يفصل الزوجة عن أهلها، ويبقى هذا صراع دائم ليس له أول ولا آخر.
الشيخ: هذا لأننا لم نعد نعرف الغاية التي من أجلها أقيمت الأسرة المسلمة، وصار كثير من الأزواج يريد أن يضرب حصاراً حديدياً على زوجته، وأن يفصلها فصلاً تاماً من أسرتها.
أين صلة الرحم التي من أجلها أقيمت هذه الأسرة، مع عبادة الله سبحانه وتعالى كما أصلت في أول اللقاء؟ إن الزوج المسلم يجب عليه أن يعلم أن من حق زوجته عليه أن يكرم أهلها، فإكرام الزوج لزوجته بإكرامه لأهلها، بإكرامه لوالديها، وليعلم الزوج المسلم العاقل يقيناً إن كانت الزوجة أصيلة حتماً ستبالغ هي الأخرى في إكرام أهله، فما منا من زوج إلا وهو يتمنى إذا أقبل إليه والده أو دخلت عليه أمه أو دخل عليه أهله أن تقوم زوجته ولا تقعد، وأن تقدم أطيب ماعندها، وأن تبالغ في الترحيب والتكريم، كذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام:(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ، وبالمقابل إذا أقبلت أم الزوجة التي صورها إعلامنا بصورة قبيحة جداً، وأنها إذا أقبلت دخلت النار إلى البيت وإلى غير ذلك من الألفاظ التي صورت أم الزوجة على أنها عدو لدود شرس للزوج! وهذا خلل وخطأ في الطرح، ينبغي أن يفطن إليه القائمون على أمر التربية والتوجيه، فواجب على الزوج المسلم أن يكرم والد زوجته وأن يكرم أم زوجته، وأن يكرم أهلها، وتعجب إذا علمت أن السيدة عائشة رضي الله عنها والحديث في الصحيحين تقول:(والله ما غرت على أحد من زوجات رسول الله ما غرت على خديجة، مع أنني لم أرها قط) .
السيدة عائشة لم تر السيدة خديجة، ومع ذلك ما كانت تغار من زوجة من زوجات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كغيرتها من خديجة.
لماذا؟ من كثرة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها، تقول عائشة:(لقد كان يأمر بذبح الشاة ويقول: أرسلوا منها إلى صديقات خديجة) ، ليس إكرام الأهل المباشرين فحسب، بل وحتى الصديقات.
هذه أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام وهذا مدخل رقيق جداً، ومفتاح لا يعرفه كثير من الأزواج، مفتاح يستطيع أن يفتح به الرجل قلب امرأته، بل سيرى منها بعد ذلك مبالغة كريمة في إكرامها لأهله إذا اجتهد هو في أن يكرم أهلها، وهذا حق للزوجة على الزوج أن يبالغ في إكرام أهلها، وليجدد النية فله بذلك أجر إن شاء الله.