إن مصدرية القرآن دليل على إعجازه، بل وستعجب إذا علمت أن المشركين كانوا يخافون على أنفسهم من سماع القرآن؛ لماذا؟ لأن القرآن كان يصدع عناد الكفر والكبر في قلوبهم، وإذا سلم أحدهم عقله وقلبه للقرآن غيَّر القرآن قلبه، ولقد سجل الله وصيتهم لبعضهم البعض في القرآن، فقال الله سبحانه وتعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}[فصلت:٢٦] ، أي: شوشوا على محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تفتحوا آذانكم ولا قلوبكم لهذا القرآن؛ لأنهم إن سمعوه تغيرت القلوب والأبصار والآذان، وتغير كل شيء.
كيف وقد بين لنا ربنا أن هذا القرآن لو أنزله على جبل وعلى حجارة صلدة لخشعت، فكيف تخشع الجبال الصم للقرآن ولا يخشع القلب الذي فطر أساساً على التوحيد؟! كما قال الله تعالى:{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}[الروم:٣٠] ، وكما قال نبينا صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:(كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) ، فكل بشر ولد على فطرة التوحيد على فطرة الإسلام.
كانت وصية الكفار لبعضهم البعض:(لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) ؛ لماذا؟ (لعلكم تغلبون) .