للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الطاعة في فراش الزوجية]

ومن أعظم صور الطاعة التي يجب على الزوجة المسلمة أن تحققها لزوجها: إذا أمرها أن تأتيه لفراش الزوجية أن تطيعه، كم من الرسائل والشكاوى والاتصالات والأسئلة، يشكو فيها كثير من الأزواج امتناع الزوجات عن الفراش، قد تتدلل الزوجة على زوجها بالامتناع، وهذا حرام، وقد تمتنع لتجبر الزوج على أن يفعل لها أمراً تريده، أو على أن يقدم بالطلب الذي طلبته منه، وهذا حرام لا يجوز للزوجة المسلمة أن تفعله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة دعاها زوجها إلى فراشه فأبت؛ باتت والذي في السماء غاضب عليها حتى يرضى عنها زوجها) .

مقدم البرنامج: حتى لو كانت مريضة أو مرهقة؟ الشيخ: لا، وهذا تنبيه جميل ومداخلة هادفة، وأود أيضاً أن أبينها للزوج، فإن كثيراً من الأزواج قد لا يعذر امرأته لأي سبب، وهذا أيضاً من الظلم، فينبغي على الزوج المسلم أن يكون عادلاً منصفاً، فإذا رأى الزوج امرأته مريضة بالفعل، ولا تتعذر لتدلل أو لأي أمر من الأمور التي ذكرت؛ وإنما تمتنع لأنها لا تستطيع ذلك، فيجب على الزوج أن يعذر امرأته، وأن يعاملها بالرحمة.

وقد بينت أن الحياة الزوجية تنبني على الحب والرحمة، فإذا ذبلت وردة الحب فتبقى الرحمة لتظلل سماء البيوت لتستمر الحياة، فيرحم الزوج زوجته وترحم الزوجة زوجها، لكن لا ينبغي للزوج أن يقف لامرأته وقفة شديدة، فليست هذه هي أخلاق الرجال، فضلاً عن أخلاق الأزواج المسلمين الصالحين الذين ينطلقون في حياتهم الزوجية امتثالاً لرب العالمين، ولأمر سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

إذاً: من أعظم حقوق الزوج على زوجته: أن تطيع الزوجة المسلمة زوجها في كل ما يطلبه منها ما لم يأمرها بمعصية الله سبحانه وتعالى بالضوابط والشروط التي ذكرت بعضها الآن.

مقدم البرنامج: قلت: إن على الزوجة أن تطيع الزوج في غير معصية الله، فما حدود هذه الطاعة وضوابطها؟ الشيخ: نعم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (لا يحل لامرأة أن تصوم إلا بإذن زوجها) والمراد بالصيام هنا: صيام النفل، وليس صيام الفريضة (ولا يحل لها أن تدخل بيته إلا من يريد) ، لا يحل للزوجة أن تدخل أو أن تأذن في بيته إلا لمن يريد الزوج فقط، فطاعة الزوجة لزوجها مطلقة في غير معصية الله سبحانه وتعالى.

أي: إذا طلب الزوج من امرأته معصية كأن طلب أن يأتيها في غير ما أمر الله عز وجل فلترفض، ورفضها ذلك ليس معصية للزوج؛ لأنها طاعة لله سبحانه وتعالى، وإن طلب الزوج من امرأته أن تعري جسدها فلترفض، ورفضها ذلك ليس معصية للزوج بل هو طاعة لله جل وعلا.

مقدم البرنامج: حتى لو هددها بالطلاق؟ الشيخ: هذه مسألة ينبغي على الزوجين أن يعرضاها بعينها على رجل من أهل العلم؛ ليقدر المسألة تقديراً دقيقاً، وليوازن موازنة دقيقة بين المفاسد والمصالح، وتكون الفتوى هنا فردية وليست جماعية، فنحن نتكلم بصفة عامة، وأنه لا يجوز أبداً للزوج أن يأمر زوجته بمعصية الله ولو قلَّت، ولو عصت الزوجة زوجها في هذا الأمر الذي هو مخالف لأمر الله ورسوله؛ فليست بذلك عاصية لله ولا عاصية لزوجها، وإنما هي مطيعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>