الْأَمر قَالَ لَهُ صَحبه وَلم قَالَ إِن مَوْلَانَا لم يرسلنا للحرب بل قَالَ اذْهَبُوا وأحضروا تِلْكَ الْأَمْوَال والأنعام ان نحاربهم الان فيتغلبوا علينا ويهزمونا فَفِي هَذَا شين وعار عظيمان علينا وإضرار كَبِير بحشمة مَوْلَانَا وجاهه هَذَا شَيْء وَشَيْء اخر أَن مَوْلَانَا سَيَقُولُ مَتى أَمرتكُم بِالْحَرْبِ وَلنْ نجد مَا حيينا منفذا أَو حجَّة لملامته وعتابه الَّذِي لَا طَاقَة لنا بِهِ وَلما فرغ سبكتكين من قَوْله هَذَا قَالَ اكثر الغلمان الصَّوَاب مَا يَقُول سبكتكين ودب الْخلاف بَينهم وانْتهى الْأَمر بِعَدَمِ الْقِتَال وعودتهم وَلما مثلُوا أَمَام البتكين وَقَالُوا لم نحصل الْأَمْوَال مِنْهُم عنْوَة مَعَ أَنهم عصوا وامتنعوا عَن دَفعهَا قَالَ لماذا لم تشهروا السِّلَاح وتحصلوا الْأَمْوَال بأية وَسِيلَة كَانَت قَالَ الغلمان لقد شهرنا الأسلحة وأردنا قِتَالهمْ لَكِن سبكتكين خَالَفنَا واعترضنا فانقسم الغلمان إِلَى فريقين وَلما صَار الْأَمر إِلَى هَذِه الْحَال عدنا فَقَالَ البتكين لسبكتكين لماذا لم تحارب أَو تَدعهُمْ يُحَاربُونَ قَالَ سبكتكين لِأَن مَوْلَانَا لم يكن أمرنَا بِالْقِتَالِ فَلَو قاتلنا دون أمره لَكَانَ كل منا مولى لَا عبدا ان من إمارات الطَّاعَة تَنْفِيذ مَا يَأْمر بِهِ مَوْلَانَا وَلَو كَانَت الْهَزِيمَة حليفنا فَلَا بُد من أَن يَقُول من الَّذِي أَمركُم بِالْقِتَالِ فَمن ذَا الَّذِي لَهُ الطَّاقَة على هَذَا الْعقَاب أما لَو غلبناهم نَحن فَلَا بُد من أَن يقتل كَثِيرُونَ وَلَا يكون ثمَّة شكر وَتَقْدِير فضلا عَمَّا مَا سنلقاه من ملامة وعتاب ان تَأْمُرنَا الان بِالْحَرْبِ نتوجه إِلَيْهِم فإمَّا أَن نحصل الْأَمْوَال وَإِمَّا أَن نقدم أَرْوَاحنَا فديَة فأعجب البتكين بجوابه وَقَالَ حق مَا تَقول ثمَّ أَخذ فِي ترقيته حَتَّى بلغ منزلَة وصل فِيهِ فَوجه إِلَى ثَلَاثمِائَة غُلَام
وَلما مَاتَ أَمِير خُرَاسَان نوح بن نصر ببخارى وَكَانَ البتكين بنيسابور كتب إِلَيْهِ خَاصَّة أمرائه من بُخَارى العاصمة لقد حدث كَذَا وَكَذَا وَتُوفِّي أَمِير خُرَاسَان مخلفا وَرَاءه أَخا فِي الثَّلَاثِينَ من عمره وابنا فِي السَّادِسَة عشرَة فَإلَى أَيهمَا تعهد بِالْملكِ فَأمر هَذِه الملكة مَنُوط بك فسير البتكين رَسُوله على وَجه السرعة برسالة تَقول كِلَاهُمَا أهل للْملك وهما أميران من ولد مَوْلَانَا أما أَخُو الْأَمِير فَرجل ناضج مجرب تجرع مر الْحَيَاة وذاق أفاويقها وَهُوَ يعرف النَّاس جيدا ويحفظ لكل قدره ومنزلته وَخير من يحترمهم وَيعرف لَهُم حرماتهم وَأما ابْن الْأَمِير فطفل لم ير فِي حَيَاته شَيْئا إِنَّنِي أخْشَى أَلا يَسْتَطِيع أَن يسوس النَّاس