للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويرعاهم وَألا يقوى على إصدار الْأَوَامِر اللَّازِمَة فِي كل مَسْأَلَة وامر قد يكون من الأصوب تنصيب أخي الْأَمِير

ثمَّ اتبع الرسَالَة بِأُخْرَى فِي الْمَوْضُوع عينه فِي الْيَوْم التَّالِي غير أَنه وصل بعد خَمْسَة أَيَّام رَسُول بِبِشَارَة تَقول لقد تمّ تنصيب ابْن الْأَمِير فاعترى البتكين الخجل لرسالتيه اللَّتَيْنِ كَانَ أرسلهما قَالَ فلماذا استشارني أُولَئِكَ الأوغاد اللئام إِذن وَقد أَرَادوا الاستئثار بِالْأَمر وحدهم إِن الِاثْنَيْنِ كليهمَا مني بِمَنْزِلَة النُّور من الْعين لكنني أخْشَى أَن تسوء الابْن رسالتي حِين وصولها فيظن أَن هواي كَانَ مَعَ عَمه للَّذي أَشرت إِلَيْهِ فِيهَا فَيَقَع فِي قلبه شَيْء مني ويغضب عَليّ ويحقد حِينَئِذٍ يستغل الْأَمر ذَوُو الأطماع الدنيئة الَّذين سيجدون المجال متاحا أمامهم لِأَن يلوكوني بألسنتهم وتأليب الصَّبِي عَليّ

وَأرْسل البتكين فِي الْحَال خَمْسَة رجال كل مِنْهُم على جماز فِي إِثْر الرسولين وَقَالَ لَهُم حاولوا مَا وسعكم الْجهد أَن تلحقوا بهما قبل أَن يعبرا نهر جيحون وتعيدوهما وَانْطَلق المجمزون فِي سرعَة فأدركوا أحد الرسولين فِي صحراء اموي فِي حِين كَانَ الاخر قد عبر جيحون وَلما وصلت رِسَالَة البتكين إِلَى بُخَارى استاء ابْن الْأَمِير واتباعه الَّذين قَالُوا لم يحسن البتكين صنعا حِين أَشَارَ بتنصيب أخي الْأَمِير أما درى أَن مِيرَاث الْأَب يصير إِلَى الابْن لَا إِلَى الْأَخ وظلوا يرددون هَذَا النغم وضغن الصَّبِي على البتكين يتزايد يوميا وَالْتمس البتكين الْأَعْذَار الْكَثِيرَة وَبعث بالهدايا الجمة غير أَن هَذَا لم يجد فتيلا فِي نفض غُبَار الحقد وَالْغَضَب عَن قلب ابْن الْأَمِير وظل المفسدون وذوو الأطماع الْخَاصَّة فِي يوغرون صدر الْأَمِير الصَّغِير الَّذِي اضطرمت نَار حقده وغضبه ونقمته

وَكَانَ أَحْمد بن اسماعيل فِي أخريات حَيَاته اشْترى البتكين الَّذِي خدم نصر بن أَحْمد عدَّة سنوات وَلما مَاتَ نصر خدم نوح بن نصر وتقلد على عَهده القيادة الْعليا لجيش خُرَاسَان وَلما مَاتَ نوح خَلفه ابْنه مَنْصُور وَانْقَضَت سِتّ سِنِين من عهد مَنْصُور والبتكين ينقده الْأَمْوَال وَيسْعَى مَا أمكنه الْجهد لوضع الْأُمُور فِي نصابها دون أَن يَسْتَطِيع المغرضون أَن ينالوا مِنْهُ شَيْئا لَدَى مَنْصُور بن نوح أَو يوغروا عَلَيْهِ قلبه وَكَانَ وكلاء البلاط يَكْتُبُونَ إِلَى

<<  <   >  >>