عَن كَابر وورثت مَعهَا سيرهم وشمائلهم وطباعهم وأفعالهم أَيْضا انْظُر مَا فعل الْخُلَفَاء قبلك مَعَ عباد الله عز وَجل وانح نحوهم فالسيادة وَالْعَظَمَة وَالْملك لَا تزهو بِغَيْر الْعدْل والبذل فَذا يجْرِي فِي مُسْتَقر ذَاك لَيْسَ من شكّ فِي أَن مَا فِي بَيت المَال للْمُسلمين وَأَنت تنْفق مِنْهُ شَيْئا كثيرا أنْفق من أَمْوَال الْمُسلمين بِالْقدرِ الَّذِي تريدهم أَن ينفقوا من أموالك وَإِلَّا فهم معذورون فِي تضجرهم وتشكيهم مِنْك
وَحدث ان رأى كل مِنْهُمَا فِي منامة فِي تِلْكَ اللَّيْلَة أَن السَّاعَة قَامَت وأحضر الْخَلَائق يساقون وَاحِدًا وَاحِدًا لِلْحسابِ والمصطفى صلى الله عَلَيْهِ واله يتشفع لَهُم فيمضون إِلَى الْجنَّة وامسك أحد الملائك بيديهما الرشيد وزبيدة ليأخذهما إِلَى مَكَان الْحساب فاعترضه ملك اخر وَقَالَ إِلَى أَيْن أَنْت مَاض بهما لقد أَرْسلنِي الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ واله وَقَالَ لَا تدعهما يتقدمان مَا دمت حَاضرا لِئَلَّا يَعْتَرِينِي فيهمَا الخجل وَلَا استطيع ان أَقُول بشانهما شَيْئا لِأَنَّهُمَا حسبا أَن أَمْوَال الْمُسلمين أموالهما فحرما الْمُسْتَحقّين ونصبا نفسيهما مَكَاني وأفاقا من نومهما حيرانين ذاهلين فَقَالَ هَارُون لزبيدة مَا دهاك قَالَت رَأَيْت فِي مَنَامِي كَذَا وَكَذَا فاعتراني الْفَزع قَالَ هَارُون وَرَأَيْت مثل هَذَا فِي الْمَنَام أَيْضا ثمَّ شكر الله تَعَالَى على أَن الْبَعْث كَانَ رُؤْيا لَا حَقِيقَة
وَفِي الْيَوْم التَّالِي فتحا بَاب الخزانة وأمرا مناديا يُنَادي فِي النَّاس على الْمُسْتَحقّين أَن يحضروا لنعطي كلا من بَيت المَال نصيبة ونوفيه حَاجته وَمرَاده
فتدافع النَّاس بِكَثْرَة حَتَّى بلغ مَا قسم الرشيد من أعطيات وجرايات ثَلَاثَة الاف ألف دِينَار ثمَّ قَالَت زبيدة للرشيد إِن بَيت المَال فِي حوزتك وَأَنت الَّذِي سَوف تسئل عَنهُ فِي الاخرة لَا أَنا اعْلَم أَنَّك بإزاحة عبء بعض الْأُمُور عَن كاهلك وَالْخُرُوج من عهدتها قد أصبت تَوْفِيقًا فِي هَذَا الْأَمر ان مَا أَعْطيته الْمُسلمين لم يكن إِلَّا من أَمْوَال الْمُسلمين أما أَنا فسأعطي النَّاس من اموالي الْخَاصَّة ابْتِغَاء رضى الله وثواب الدَّار الاخرة إِنَّنِي أعلم علم الْيَقِين أَن لَا بُد من الرحيل عَن هَذَا الْعَالم وَترك النِّعْمَة والثروة وَعلي أَن أقدم بنفسي زادا من دنياي لاخرتي
وأخرجت زبيدة مَا يُسَاوِي بضعَة الاف ألف دِينَار من الْجَوَاهِر وَالْفِضَّة وَالثيَاب من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute