من العبيد وسدد دُيُون المفلسين والمعدمين وكسا الْيَتَامَى واعان الْحجَّاج والغزاة وبتى مَسْجِدا جَامعا فِي مدينته كَمَا أنشأ مَسْجِدا جَامعا عَظِيما بنيسابور وَبعد أَن قدم كثيرا من أَعمال الْخَيْر مضى لأَدَاء فَرِيضَة الْحَج فِي أَيَّام الْأَمِير جغري رَحمَه الله
وَلما وصل إِلَى بَغْدَاد أَقَامَ بهَا حوالي شهر وَفِي تِلْكَ الْأَثْنَاء خرج من الْمنزل يَوْمًا فَرَأى فِي ممر بِالسوقِ كَلْبا شَدِيد الجرب وَقد تساقط شعره كُله عَن جِسْمه وأعياه الْأَلَم وَأَقْعَدَهُ تألم الرجل لحَال الْكَلْب وَقَالَ إِنَّه ذُو روح أَيْضا وَمن مخلوقات الله عز وَجل ثمَّ قَالَ لخادم لَهُ اذْهَبْ وأحضر منوي خبز ورسنا ووقف فِي مَكَانَهُ إِلَى أَن جَاءَهُ الْخَادِم بِمَا أَرَادَ فَأخذ يفتت الْخبز بِيَدِهِ ويلقي بِهِ أَمَام الْكَلْب إِلَى أَن أشبعه وأمنه وانذاك وضع الرسن فِي عُنُقه وَسلمهُ إِلَى الْخَادِم وَقَالَ خُذْهُ إِلَى الْبَيْت الَّذِي ننزل فِيهِ وَعَاد من السُّوق فَوْرًا
وَلما وصل ألى الْبَيْت أَمر بشرَاء ثَلَاثَة منوات دهن وإذابتها على النَّار وإتيانه بهَا حَالا ثمَّ تنَاول قَضِيبًا خشبيا لف على رَأسه قِطْعَة قماش قديمَة وصوفا ونهض من مَكَانَهُ واقترب من الْكَلْب وَأخذ يغط الْقَضِيب بالوعاء الَّذِي فِيهِ الدّهن الْمُذَاب ويدهن جلد الْكَلْب بِيَدِهِ إِلَى أَن أَتَى عَلَيْهِ كُله ثمَّ قَالَ لخادم لَهُ لست باكثر وقار مني لَيْسَ بعائبي مَا قُمْت بِهِ وَيَنْبَغِي إِلَّا يعيبك وَأَنت خادمي أَيْضا أريدك أَن تدق مسمارا فِي الْحَائِط ترْبط بِهِ الْكَلْب وَأَن تقدم لَهُ منوي خبز يوميا الأول صباحا والاخر مسَاء وَأَن تدهن جلده بالدهن الْمُذَاب الْحَار مرَّتَيْنِ فِي الْيَوْم وتطعمه مَا يتبقى على السفرة من الْعظم وفتات الْخبز إِلَى أَن تتحسن حَاله وَشرع الْخَادِم بتنفيذ مَا أمره بِهِ سَيّده وَبعد أسبوعين إِذا الْكَلْب يَنْسَلِخ عَنهُ الجرب وينبت الشّعْر فِي جلده ويسمن جيدا وتتحسن حَاله بِحَيْثُ لم يعد سهلا إِخْرَاجه حَتَّى بالعصا من ذَلِك الْبَيْت
وَمضى الْحَاج الرئيس بالقافلة فَأدى فَرِيضَة الْحَج وَأنْفق فِي تِلْكَ الطَّرِيق مَالا كثيرا ثمَّ عَاد إِلَى مرو الروذ الَّتِي توفّي فِيهَا بعد سنوات وَبعد انْقِضَاء مُدَّة على وَفَاته رَاه اُحْدُ الزهاد فِي الْمَنَام على براق والحور الغلمان من خَلفه وامامه وَمن على يَمِينه ويساره يسوقونه ببطء فرحين ضاحكين فِي رَوْضَة من رياض الْجنَّة فهرع نَحوه وَسلم عَلَيْهِ فَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا ان شدّ إِلَيْهِ عنَاق الْبراق ورد على الزَّاهِد السَّلَام فَسَأَلَهُ الزَّاهِد يَا فلَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute