وَقبلت السيدة الأَرْض بَين يَدي الخاتون وَقَالَت أَنْت الان مولاتي وَلَا أعرف أحدا سواك أَرْجُو أَن تسعي لي لَدَى الخاقان الْأَجَل وتقدميني إِلَيْهِ لأطلعه على حَالي فَأَسْمع رَأْي مولَايَ الخاقان ايضا قَالَت الخاتون ساقدمك إِلَيْهِ فِي أَي وَقت ترغبين فَقَالَ الْمَرْأَة أود المثول بَين يَدَيْهِ غَدا قَالَت الخاتون وَهُوَ كَذَلِك
وَفِي الْيَوْم التَّالِي مَضَت الْمَرْأَة إِلَى قصر الخاتون وَلما عَاد الخاقان من البلاط وَعرضت عَلَيْهِ الخاتون حَال الْمَرْأَة أَمر بإحضارها إِلَيْهِ وجييء بهَا فَقبلت الأَرْض بَين يَدَيْهِ وقدمت إِلَيْهِ غُلَاما تركيا وجوادا جميلا وَأَشْيَاء من تحف محتلفة هَدِيَّة وَقَالَت لقد عرضت على الخاتون بعض حَالي وباختصار فَإِنَّهُ لما مَاتَ زَوجي أَطَالَ الله بَقَاء مولَايَ قَالَ لي شَرِيكه بشأن مَا كُنَّا نحمله من بضائع إِلَى خطا يَنْبَغِي إِلَّا نعيده وَمضى بِهِ إِلَيْهَا أما مَا تبقى فَأخذ خَان الصين بعضه وأعطينا خَان كاشغر بعضه وأنفقنا نَحن قسما فِي الطَّرِيق ومجمل القَوْل أَنه لم يبْق لي من كل ذَلِك سوى بضع تحف وأنعام مَعْدُودَة وَهَذَا الْيَتِيم أَلا يقبلني الخاقان الْأَجَل جَارِيَة لَهُ مِثْلَمَا قبلتني الخاتون الْعَظِيمَة لأقضي بَاقِي عمري فِي هَذِه الْخدمَة الجليلة فخاطبها الخاقان بأدب جم ورد عَلَيْهَا ردا جميلا وَأجَاب طلبتها
وَأخذت الْمَرْأَة بعد ذَلِك تهدي الخاتون كلما ذهبت إِلَيْهَا كل يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة خاتمين من لَعَلَّ أَو فيروزج أَو مقنعة مقصبة أَو تحفة ثمينة قيمَة وتقص عَلَيْهَا حكايات وأساطير شيقة حَتَّى أَن الخاقان والخاتون لم يعودا يحتملان يَوْمًا وَاحِدًا دونهَا لقد أخجلتهما برفضها مَا عرضاه عَلَيْهَا من قَرْيَة وضيعة خَاصَّة وَكَانَت الْمَرْأَة تركب كل بضعَة أَيَّام من السراي الَّذِي أنزلاها فِيهِ وتمضي إِلَى الْقرى الْمُجَاورَة الَّتِي تبعد ثَلَاثَة أَو اربعة أَو خَمْسَة فراسخ عَن الْمَدِينَة بِحجَّة إِنَّنِي أَشْتَرِي ضَيْعَة وتقيم هُنَاكَ ثَلَاثَة أَو اربعة أَيَّام ثمَّ تعود إِلَى الْمَدِينَة دون أَن تشتري عائبة الضَّيْعَة مصطنعة الْأَعْذَار
وَلما أرسل الخاقان فِي طلبَهَا يستفسران لماذا قاطعتنا وَلم تأت إِلَيْنَا فأجيبا بِأَنَّهَا ذهبت مُنْذُ يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة لشراء ملك فِي الْقرْيَة كَذَا فَرحا جدا وَقَالا لقد أَلْقَت عَصا الترحال هُنَا وقضت سِتَّة أشهر فِي خدمتهما على هَذَا النَّحْو أخْبرتهَا الخاتون فِي خلالها عدَّة مَرَّات ان الخاقان يَقُول لي دَائِما انه ليعتريني الخجل حِين أَرَاهَا أَي أَنْت فقد أدَّت لنا خدمات جلى وَكَانَت تَأْتِينَا بالتحف والهدايا كل بضعَة أَيَّام فِي حِين أَنَّهَا لم تقبل شَيْئا مِمَّا عرضنَا عَلَيْهَا انني لم أر امْرَأَة بِهَذِهِ الطّيبَة قطّ مَا الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute