كتب يَوْمًا يستفتي إِذا مَا ظهر فِي طرف من أَطْرَاف الدُّنْيَا ملك يشهر سَيْفه من أجل عزة الْإِسْلَام ويحارب الْكفَّار وَالْمُشْرِكين أَعدَاء الله تَعَالَى وَرَسُوله الأكرم ويحول بيُوت الْأَوْثَان إِلَى مَسَاجِد وَيجْعَل ديار الْكفْر ديار إِسْلَام وأمير الْمُؤمنِينَ بعيد عَنهُ تفصل بَينهمَا الأمواه الْعَظِيمَة وَالْجِبَال الشاهقة والصحارى المخوفة بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيع أَن يعرض كل مَا قد يحدث لَهُ على الْخَلِيفَة فِي كل حِين وَلَا يتَمَكَّن من تَنْفِيذ مطالبه وأوامره أَيْضا أفيحق لَهُ وَالْحَال هَذِه أَن ينيب عَن الْخَلِيفَة أحد الْأَشْرَاف ليرْجع إِلَيْهِ فِي الْأُمُور أم لَا ثمَّ أعْطى فتواه هَذِه شخصا يُسَلِّمهَا إِلَى قَاضِي قُضَاة بَغْدَاد يدا بيد فَبعد أَن قَرَأَهَا القَاضِي من ألفها إِلَى يائها قَالَ يحِق لَهُ ذَلِك
وَأخذ الْعَالم الْمَذْكُور نُسْخَة من فَتْوَى قَاضِي قُضَاة بَغْدَاد ووضعها مَعَ رِسَالَة كتب فِيهَا فقد طَالَتْ إقامتي بِبَغْدَاد إِن سيد الْعَالم يمْتَنع عَن منح مَحْمُود مَا يتطلع إِلَيْهِ من ألقاب على الرغم من خدماته وطاعاته الْكَثِيرَة جدا وَلَا يُحَقّق للسُّلْطَان الْغَازِي مَا يصبو إِلَيْهِ من امال بل يضايقه إِلَى هَذَا الْحَد ان يسر مَحْمُود بعد الان بِمُقْتَضى هَذِه الْفَتْوَى وَحكم الشَّرْع بِخَط قَاضِي قُضَاة بَغْدَاد نَفسه فَلَا جنَاح عَلَيْهِ فَمَا أَن قَرَأَ الْخَلِيفَة الْفَتْوَى والرسالة حَتَّى بعث إِلَى وزيره بحاجب الْحجاب حَالا بَان أدع إِلَيْك الان رَسُول مَحْمُود وأكرمه وهدىء من روعه ثمَّ أعْطه مَا أمرنَا بِهِ من خلعة ولواء ولقب اصرفه رَاضِيا مَسْرُورا
وَهَكَذَا أضيف إِلَى مَحْمُود بعد كل خدماته المرضية ومساعيه المتواصلة وهواه وذكاء رَسُوله الْعَالم لقب أَمِين الْملَّة الَّذِي ظلّ يلقب بِهِ ويلقب يَمِين الدولة طوال حَيَاته
أما الْيَوْم فَإِذا لم يكْتب لأَقل النَّاس شَأْنًا سَبْعَة أَو عشرَة ألقاب يغْضب ويسخط غير أَنه لم يكن للسامانيين الَّذين كَانُوا مُلُوك زمانهم لسنوات طَوِيلَة وحكموا بِلَاد وَرَاء النَّهر من أطرافها إِلَى أطرافها وخراسان وَالْعراق وخوارزم ونيمروز وغزنين سوى لقب وَاحِد إِذْ أطلق لقب ملك الْمُلُوك على نوح ولقب الْأَمِير السديد على وَالِده مَنْصُور والأمير الحميد على نوح وَالِد مَنْصُور والأمير الرشيد على نصر وَالِد نوح والأمير الْعَادِل على إِسْمَاعِيل بن أَحْمد والأمير الْمَاضِي فِي التواريخ وَأطلق