للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإكرام وفادتهم فِي كل مَكَان يحلونَ بِهِ ويقيمون فِيهِ فِي ولايتي سَمَرْقَنْد وبخارى ويشترون هُنَاكَ الْأَمْلَاك ويؤسسون الضّيَاع وعَلى الْوُلَاة والعمال والرؤساء أَلا يتوانوا فِي بذل أَي عون مُمكن لَهُم وتوفير كل مَا يطْلبُونَ وَتَقْدِيم مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من الْأَطْعِمَة

وَفِي منتصف احدى اللَّيَالِي تركت الْمَرْأَة الْقرْيَة إِلَى ترمذ مارة بِمَدِينَة كش على بعد ثَلَاثَة فراسخ من سَمَرْقَنْد فوصلت إِلَيْهَا بعد خَمْسَة أَيَّام وَكَانَت تعرض الْوَثِيقَة الْمَفْتُوحَة أَيْنَمَا احْتَاجَت إِلَيْهَا ثمَّ تمتطي جيادها قريرة الْعين أما الخاقان فَلم يستطلع خبر ذهابها إِلَّا بعد أَن عبرت جيحون ووصلت إِلَى بَلخ وَلم يراوده أَي شكّ حول عهد الْخَلِيفَة قطّ

وَمَضَت الْمَرْأَة من بَلخ إِلَى غزنين تحمل الْعَهْد إِلَى السُّلْطَان مَحْمُود فَمَا كَانَ من مَحْمُود إِلَّا أَن أرْسلهُ بيد أحد الْعلمَاء من ذَوي الْقُدْرَة على المناظرة والجدل وَحمله عددا من الْهَدَايَا إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الْقَادِر بِاللَّه ورسالة تَقول فِي حِين كَانَ أحد خدمي يتجول فِي سوق سَمَرْقَنْد مر بِمَسْجِد فِيهِ مؤدب بِيَدِهِ كتاب يعلم مِنْهُ الصّبيان فَوَقَعت عينه على عهد أَمِير الْمُؤمنِينَ بَين أَيدي أَطْفَال صغَار يعبثون بِهِ فَذا يشده إِلَى طرف وَذَلِكَ إِلَى طرف اخر ويمرغونه فِي التُّرَاب لما عرف الْخَادِم الْعَهْد أَخَذته عَلَيْهِ الْغيرَة فأحضر قدرا من الزَّبِيب أعطَاهُ الْأَطْفَال وَحصل عَلَيْهِ مِنْهُم بِثمن بخس لَا يُسَاوِي الْوَرق الرُّخص ثمَّ حمله إِلَى غزنين وَقدمه إِلَيّ وهأنذا ابْعَثْ بِهِ إِلَى مولى الْعَالم ان يتفضل أَمِير الْمُؤمنِينَ بِتَقْدِير هواي مَعَه وخدماتي لَهُ فيمنحني مزيدا من الألقاب فإنني سأعتز بهَا أَكثر من اعتزازي بناظري وَاجْعَلْهَا تَاج رَأْسِي واحتفظ بهَا فِي أعز مَكَان فِي بَيْتِي لقد حجب مولَايَ الألقاب عني على الرغم من طاعاتي وخدماتي وتوقعاتي ومنحها من لم يعرفوا لأوامره وخلعه وعهوده قدرهَا بل استخفوا بهَا استخفاف خاقَان سَمَرْقَنْد وأهانوا الألقاب الَّتِي منحوها

لما وصل الْعَالم إِلَى بَغْدَاد وأوصل الْهَدَايَا وَسلم الرسَالَة تملك الْخَلِيفَة الْعجب فامر بِكِتَابَة رِسَالَة عتاب إِلَى الخاقان وَمكث رَسُول مَحْمُود سِتَّة أشهر فِي قصر الْخَلِيفَة ظلّ يوافي الْقصر فِي خلالها برسائل يطْلب فِيهَا ألقابا لمحمود دون أَن يتلَقَّى جَوَابا شافيا إِلَى أَن

<<  <   >  >>