للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِمَّا انجز على يَد الْيَهُودِيّ وَأَن شؤون الْعمرَان قد نمت وازدهرت حِينَئِذٍ قَالَ سعد بن أبي وَقاص لأمراء الْعَرَب أنعم بأمير الْمُؤمنِينَ عمر رجلا عَظِيما فقد كتبت فِي أَمر ذَلِك الْيَهُودِيّ وشؤون الْولَايَة رِسَالَة طَوِيلَة لكنه أجابني بكلمتين فَكَانَ الْأَمر كَمَا قَالَ لَا كَمَا كنت أعتقد ونجانا مِمَّا كَمَا فِيهِ

ثمَّة قَولَانِ مشهوران صَدرا عَن رجلَيْنِ عظيمين كِلَاهُمَا صائب مَقْبُول وسوف يظلان مضرب الْمثل فِي الْعَرَب والعجم إِلَى يَوْم الدّين الأول قَول عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ مَاتَ الْيَهُودِيّ فَأنى وجد عَامل يجيد مهنة الْكِتَابَة وَله مهارة وخبرة فِي إدارة الْأُمُور وتصريفها لكنه متطاول ظَالِم خَبِيث الْمَذْهَب وَأُرِيد لهَذَا تنحيته فيتصدى شفعاؤه وَمن يحدبون عَلَيْهِ قائلين يجب أَلا يعْزل فَهُوَ كَاتب ممتاز وعامل جلد وَلَيْسَ ثمَّة من هُوَ افضل مِنْهُ هُوَ فِي عمله وأمثال هَذَا الْكَلَام فَمَا على الْحَاكِم إِلَّا أَن يَقُول مَاتَ الْيَهُودِيّ فبهاتين الْكَلِمَتَيْنِ ترد أَقْوَالهم كلهَا وَتبطل ويعزل ذَلِك الْعَامِل أما القَوْل الاخر فَإِنَّهُ لما ودع نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدَّار الفانية لم يَجْرُؤ أحد من صحابته على أَن يَقُول أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قد مَاتَ سوى أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فَمَا إِن ولي الْخلَافَة والت إِلَيْهِ أُمُور الْمُسلمين بعد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى اعتلى الْمِنْبَر وخطب فِي النَّاس فَقَالَ مَاتَ مُحَمَّد ثمَّ قَالَ أَيهَا الْمُسلمُونَ من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّدًا قد مَاتَ وَمن كَانَ يعبد الله فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت

فأعجب الْمُسلمُونَ بقوله الَّذِي صَار مضرب الْمثل فِي الْعَرَب بِحَيْثُ إِذا مَا ألمت بأحدهم مُصِيبَة عظمى ودع فِيهَا عَزِيزًا اثيرا لدية وَأَرَادَ النَّاس تهوين الْأَمر وَتَخْفِيف وقعه عَلَيْهِ فَإِنَّهُم يَقُولُونَ لَهُ فِي عنفوان النَّازِلَة مَاتَ مُحَمَّد فَإِن يكن أَلا يَمُوت أحد من بني ادم فَلَيْسَ من هُوَ أولى من مُحَمَّد الْمُصْطَفى عَلَيْهِ السَّلَام

لنعد الان إِلَى مَا بدأنا بِهِ كلامن قُلْنَا ان الْعمَّال وأعمالهم منوطون بالوزير وَإِن الْوَزير الصَّالح يَجْعَل سمعة مليكه وَسيرَته حسنتين فَمَا الْمُلُوك الْعِظَام الَّذين دَان لَهُم الْعَالم وَالَّذين سَوف تظل أَسمَاؤُهُم مقترنة بِذكر الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مَا هم إِلَّا أُولَئِكَ الَّذين كَانَ

<<  <   >  >>