عَلَيْهِمَا السَّلَام فَلَيْسَ بِأَقَلّ مِنْهُ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنه كَانَت لَهُ حُكُومَة على الرّيح وَالشَّيَاطِين وَالْجِنّ والوحوش والطيور مِمَّا لَيْسَ لنا أما من حَيْثُ الْكُنُوز وأدوات التجمل والزينة وَالْملك والجيش ونفوذ الحكم ومنعته الَّتِي لنا فَمن ذَا الَّذِي كَانَ لَهُ مثلنَا قبلنَا فِي عرض الْعَالم وَطوله أيعوزني شَيْء من مقومات الْملك لَا أملكهُ فَقَالَ لَهُ أحد الزعماء يعوزك أهم مقومات الْملك وأفضلها مِمَّا لَا تملكه فِي حِين كَانَ للملوك من قبلك قَالَ سُلَيْمَان مَا الَّذِي كَانَ للاخرين وَلَا أملكهُ الان قَالَ الرجل لَيْسَ عنْدك الْوَزير الَّذِي يوائمك قَالَ سُلَيْمَان وَكَيف ذَلِك قَالَ الرجل أَنْت ملك ابْن ملك فَيَنْبَغِي أَن يكون وزيرك ابْن وَزِير كُفؤًا ومباركا قَالَ سُلَيْمَان أيوجد وَزِير على النَّحْو الَّذِي وصفت فِي الْعَالم كُله قَالَ الرجل أجل قَالَ سُلَيْمَان أَيْن قَالَ الرجل فب بَلخ قَالَ سُلَيْمَان من ذَاك الشَّخْص قَالَ الرجل هُوَ جَعْفَر الْبَرْمَكِي الَّذِي ورث اباؤه الوزارة كَابِرًا عَن كَابر إِلَى ايام اردشير بن بابكان وَكَانَ النوبهار وَهُوَ معبد قديم ببلخ وَقفا عَلَيْهِم وَلما أشرقت شمس الأسلام وَخرج السُّلْطَان من يَد مُلُوك الْعَجم اتخذ اباؤه بَلخ دَار مقَام لَهُم وظلوا هُنَاكَ لقد كَانَت الوزارة وراثية فيهم وهم الَّذين صنفوا كتبا فِي السّير ونظام الوزارة وَكَانُوا حِين يفرغ أبناؤهم من تعلم الْخط وَالْأَدب وَالْكِتَابَة يضعون تِلْكَ الْكتب بَين أَيْديهم ليقرأوها ويعوا مَا فِيهَا ويسيروا على هديها لقد اقْتدى الْأَبْنَاء بابائهم فِي سيرتهم اقْتِدَاء كَامِلا من شَتَّى الْوُجُوه وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا كلهَا من هُوَ أليق لوزارتك من جَعْفَر وَالْأَمر مَا يرَاهُ الْخَلِيفَة
فَمَا إِن سمع سُلَيْمَان بن عبد الْملك الَّذِي لم يكن فِي بني امية وَال مَرْوَان أعظم مِنْهُ وأقدر هَذَا الْكَلَام حَتَّى وَطن الْفُؤَاد على استقدام جَعْفَر من بَلخ والعهد إِلَيْهِ بالوزارة