تخطيت أَنْت عتبَة بهو الْمجْلس شرعت الخرزتان فِي الْحَرَكَة وَكَانَت حركتهما تزداد حِدة وهيجانا كلما كنت تتقدم إِلَى الْأَمَام أَكثر فِي الْمجْلس وَلما اسْتَقر بك الْمجْلس أَمَامِي أخذتا تتماسان تماسا لم يدع لي مجالا للشَّكّ بأنك تحمل مَعَك سما اعْلَم أَنه لَو كَانَ أحد غَيْرك لما ابقيت على حَيَاته وَلما أخرجوك أخذت الخرزتان بِالسُّكُونِ لكنهما لم تتوقفا إِلَّا بعد خُرُوجك من الْقصر وانئذ كشف سُلَيْمَان عَن ذراعة وأراها جعفرا وَقَالَ أَرَأَيْت فِي الدُّنْيَا شَيْئا أعجب من هَذَا فِي حياتك وَكَانَ العظماء جَمِيعهم ينظرُونَ إِلَى الخرزتين فِي عجب قَالَ جَعْفَر رَأَيْت فِي حَياتِي شَيْئَيْنِ عجيبين لم أر مثلهمَا قطّ الأول هَذَا الَّذِي أرَاهُ مَعَ الْملك والاخر مَا رَأَيْته مَعَ ملك طبرستان فَقَالَ سُلَيْمَان كَيفَ كَانَ ذَلِك أسمعني قَالَ جَعْفَر لما وصل إِلَى وَالِي بَلخ أَمر مولَايَ بإرسالي إِلَى دمشق أذعنت لِلْأَمْرِ وتأهبت للرحلة وأعددت للطريق عدتهَا فتوجهت من نيسابور إِلَى طبرستان لبضاعة كَانَت لي هُنَاكَ وَلما وصلت إِلَى طبرستان استقبلني ملكهَا وأنزلني فِي قصره بِمَدِينَة امل وَبعث الي الْقرى وَكُنَّا نَلْتَقِي يوميا فِي الْمجْلس وعَلى الخوان وَنَذْهَب إِلَى أمكنة مُخْتَلفَة تنزها وَذَات يَوْم قَالَ لي فِي نشوة أتنزهت فِي الْبَحْر إِلَى الان قلت لَا قَالَ أَنْت ضَيْفِي فِي نزهة بحريّة غَدا قلت سمعا وَطَاعَة ثمَّ أَمر الملاحين بِأَن يعدوا السفن ويهيؤوها للغد
وَفِي الْيَوْم التَّالِي مضى بِي الْملك ألى سَاحل الْبَحْر حَيْثُ ركبنَا سفينة والمطربون يعزفون ويغنون والملاحون يقودون السَّفِينَة إِلَى أَن مضوا بِنَا ألى لجة الْبَحْر فِي حِين كَانَ السقاة يديرون ابْنة الْكَرم دون انْقِطَاع وَكُنَّا الْملك وَأَنا نجلس قريبين جدا إِذْ لم يكن بَيْننَا أحد لقد كَانَ فِي إِصْبَع الْملك خَاتم فصه من الْيَاقُوت الْأَحْمَر وَكَانَ جميلا الى أبعد حُدُود الْجمال صافيا وملونا حَتَّى أنني لم أر مثله فِي حَياتِي وَلَقَد جعلني جماله أَدِيم النّظر فِيهِ
لما رأى الْملك أنني أطيل النّظر فِي الْخَاتم نَزعه من أُصْبُعه وَوَضعه أَمَامِي فانحنيت احتراما لَهُ وَقبلت الْخَاتم وَوَضَعته أَمَام الْملك من جَدِيد لكنه تنَاوله وَوَضعه امامي مرّة أُخْرَى وَقَالَ ان خَاتمًا خرج من إصبعي هَدِيَّة وَعَطَاء لَا يعود إِلَيْهَا فَقلت إِن هَذَا الْخَاتم لَا يَلِيق إِلَّا بِالْملكِ وَوَضَعته أَمَامه غير أَنه عَاد فَوَضعه أَمَامِي وَلِأَن الْخَاتم كَانَ اية فِي الإبداع وقيما قلت ان من يهب هَذَا الْخَاتم ثملا قد ينْدَم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute