للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تسببت أَنا أَو أحد ابائي حَتَّى يإيذاء نملة وهلاكها فَكيف إِذا وصل الْأَمر إِلَى ادمي أجل لقد اعتدنا حمله رَغْبَة فِي تالحزم والحيطة فِي الْأُمُور فَمَا أَكثر مالاقى أبائي من لدن الاخرين خسفا وتعذيبا من جراء المَال والثروة فَفِي الْوَقْت الَّذِي استدعاني فِيهِ سُلَيْمَان بن عبد الْملك لم يطلعني أحد على حَقِيقَة الْمَوْضُوع الَّذِي كَانَ يطليني من أَجله ففكرت فِي نَفسِي بِأَنَّهُ إِذا مَا طلب إِلَيّ ثَبت الْكُنُوز أَو سَأَلَني شَيْئا لَا استطيع الْوَفَاء بِهِ أَو سامني عذَابا لَا طَاقَة لي عَلَيْهِ فَلَا بُد من أَن أَضَع فص الْخَاتم فِي فمي وأرشف سمه تخلصا من الْعَذَاب والهوان

لما سمع الرجل حَدِيث جَعْفَر هَذَا عَاد توا إِلَى سُلَيْمَان وتلا على مسامعه مَا قَالَ جَعْفَر فَعجب سُلَيْمَان لذكاء جَعْفَر وَبعد نظره وفرد أسارير وَجهه وَقبل عذره ثمَّ أَمر بإحضاره إِلَى بَابه فِي موكب خَاص فَذهب العظماء جَمِيعهم إِلَى بَاب الْقصر الَّذِي كَانَ فِيهِ وَأتوا بِهِ إِلَى البلاط معززا مكرما وَكَذَلِكَ فعلوا فِي الْيَوْم التَّالِي

وَلما مثل جَعْفَر بَين يَدي سُلَيْمَان مد إِلَيْهِ سُلَيْمَان يَده مصافحا وَأخذ يسْأَله عَن مشاق الطَّرِيق ويلاطفه بِكَلَام جميل ثمَّ أجلسه وَألبسهُ خلعة الوزارة فِي الْحَال وَوضع الدواة أَمَامه ليوقع جَعْفَر بضعَة تواقيع على مرأى مِنْهُ وَيُقَال إِن سُلَيْمَان لم ير قطّ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ من فَرح وابتهاج فِي ذَلِك الْيَوْم

لما خرج سُلَيْمَان مِمَّن مَجْلِسه فِي الْقصر استخفه نشاط للشراب فأعد لَهُم مجْلِس زين بِالذَّهَب والجواهر وفرش بفرش موشحة بخيوط من ذهب لم ير النَّاس لَهَا نظيرا قطّ ثمَّ جَلَسُوا للشراب وعَلى حِين كَانَ سُلَيْمَان نشوان جدلا سَأَلَهُ جَعْفَر كَيفَ عرف الْملك من دون الاف النَّاس أَنه كَانَ معي سم قَالَ سُلَيْمَان ان معي شَيْئا أعز عَليّ من كل مَا أملك وكل مَا فِي الخزائن جَمِيعهَا لَا يفارقني أبدا إنَّهُمَا خرزتان كالجزع ولكنهما ليستا جزعا حَقِيقِيًّا حصلت عَلَيْهِمَا من خَزَائِن الْمُلُوك وهما مربوطتان فِي ذراعي دَائِما فَإِذا مَا أزجستا رَائِحَة السم فِي أَي مَكَان أَو مَعَ أَي شخص أَو فِي الطَّعَام وَالشرَاب فَإِنَّهُمَا تتحركان فَوْرًا وتتماسان وتظلان فِي حَرَكَة واضطرام دون أَن يقر لَهما قَرَار حِينَئِذٍ أعلم أَن ثمَّة سما فِي الْمجْلس فأحتاط لِلْأَمْرِ وأتأهب لَهُ فَلَمَّا

<<  <   >  >>