للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما عَليّ بن مزدك فاستولى على كرج ونهبها وَقتل من وجد فِيهَا من الْمُسلمين ثمَّ سبا نسَاء العجليين وبنيهم وَأَخذهم مَعَه وتحول من هُنَاكَ إِلَى أذربيجان للالتحاق ببابك ثمَّ أَخذ الخرمية يتدفقون على بابك من شَتَّى الأرجاء لقد كَانُوا بادىء ذِي بَدْء عشرَة الاف ثمَّ غدوا خَمْسَة وَعشْرين ألفا تجمعُوا فِي الْمَدِينَة الَّتِي تدعى شارستانة بَين قوهستان وأذربيجان وَهُنَاكَ الْتحق بهم بابك واعمل جَيش إِسْحَاق سيوفهم وَأخذُوا يقتلُون فَبلغ عدد الْقَتْلَى من الخرمية غير من أعْطوا الْأمان فِي معركة وَاحِدَة مائَة ألف أما من مضوا إِلَى أصفهان مَعَ أخي عَليّ بن مزدك فَكَانَ عَددهمْ عشرَة الاف وَكَانَ أَخُو عَليّ هَذَا قد حمل مَعَه النِّسَاء والأطفال وعد بيُوت رُؤَسَاء الْمَدِينَة ملكا لَهُ وأدخلها فِي حسبانه سلفا غير أَن عَليّ بن عِيسَى أَمِير أصفهان كَانَ غَائِبا فتصدى قَاضِي الْمَدِينَة ورؤساؤها واهلها وأعيانهم لحربهم واطبقوا عَلَيْهِم من ثَلَاثَة جَوَانِب وهزموهم وأسروا نِسَاءَهُمْ وأبناءهم وحملوهم إِلَى الْمَدِينَة واتخذوهم عبيدا لكِنهمْ ضربوا رِقَاب الْبَالِغين من الْأَبْنَاء وألقوا بهم فِي الْأَبَّار

بعد هَذَا بست سنوات تفرغ المعتصم للخرمية وَندب الإفشين لِحَرْب بابك فقاد الإفشين الجيوش وَمضى بهم إِلَيْهِ وهب الخرمية والباطنية لنجدة بابك من كل حدب وَصوب وباختصار فقد ظلوا يحارتون إِلَى جَانِبه سنتَيْن دارت فِي خلالهما رحى معارك طاحنة بَين الإفشين وبابك وَقتل فِيهَا عدد لَا يُحْصى من الْجَانِبَيْنِ ولجأ الإفشين فِي النِّهَايَة إِلَى الْحِيلَة فَفرق أَكثر عسكره الَّذين قوضوا خيامهم فِي عتمة اللَّيْل البهيم وتراجعوا فرسخين وحطوا الرّحال هُنَاكَ ثمَّ أرسل إِلَى بابك من يَقُول لَهُ ابْعَثْ إِلَيّ بِرَجُل عَاقل مجرب من رجالك لأكلمه فِي أُمُور فِيهَا مصلحَة الطَّرفَيْنِ مَعًا فَأرْسل إِلَيْهِ بابك رجلا قَالَ لَهُ الإفشين قل لبابك ان لكل أَمر نِهَايَة ان رَأْي الادمي لَيْسَ كراثا يَنْمُو من جَدِيد إِذا مَا قطع لقد قتل أَكثر رجالي وَلم يبْق حَتَّى وَاحِد من كل عشرَة مِنْهُم وَهَكَذَا الْحَال فِيمَا أعلم بِالنِّسْبَةِ لرجالك هيا بِنَا نتصالح فتقنع أَنْت بِالْولَايَةِ الَّتِي فِي حوزتك وتتربع عَلَيْهَا بامن وَسَلام وأعود أَنا لأحصل لَك على عهد أَمِير الْمُؤمنِينَ بِالْولَايَةِ وأرسله وَإِلَّا فتعال نتحارب من جَدِيد لنرى لمن يكون الظفر

وَخرج الرَّسُول من عِنْد الإفشين وَهُوَ يسرح النّظر فِي شَتَّى الْجِهَات ليرى حد الْجَيْش لكنه لم ير سوى جنود خفاف وَكَأَنَّهُم يمتطون أَجْنِحَة الْهَزِيمَة وَلما عَاد إِلَى بابك نقل إِلَيْهِ مقَالَة الإفشين وَأخْبرهُ عَن قلَّة عدد الْجَيْش فاذا هِيَ الْأَخْبَار عينهَا الَّتِي انهاها

<<  <   >  >>