النّظر فِيهَا وَلم يأبه بهَا وَخرجت من عِنْده قانطة وَلم يعد يسمح لَهَا بِالدُّخُولِ عَلَيْهِ لَكِنَّهَا ظلت تجْلِس لَهُ فِي الطَّرِيق كلما ركب للتنزه وَالصَّيْد وتصرخ فِي وَجهه حِين يقترب مُطَالبَة بِثمن الأَرْض فَكَانَ يمر عَنْهَا دون أَن يُجيب بِشَيْء وَإِذا مَا طلبت إِلَى خاصته وندمائه وحجابه أَن ينقلوا إِلَيْهِ طلبَهَا قَالُوا نعم سنقول لَكِن أحدا لم يكن يَقُول لَهُ شَيْئا وَمَضَت على هَذَا الْمَوْضُوع سنتَانِ
واملقت الْعَجُوز وَلم تَجِد من ينصفها ونفضت يَدهَا مِنْهُ وَقَالَت فِي نَفسهَا إِنَّنِي أضْرب فِي حَدِيد بَارِد مَا من يَد إِلَّا وَجعل الله يدا فَوْقهَا وأخيرا أَمَام جبروت خَادِم أنوشروان الْعَادِل وَعَبده والحل أَن أتحمل مشاق السّفر وأذهب إِلَى الْمَدَائِن وادخل إِلَى أنوشروان وأعلمه حَقِيقَة حَالي فقد أجد عِنْده إنصافا وَدون ان تخبر احدا مَضَت فَجْأَة من أذربيجان إِلَى الْمَدَائِن متحملة الْمَشَقَّة والتعب فَلَمَّا رات قصر أنوشروان قَالَت فِي نَفسهَا من ذَا الَّذِي سيتيح لي الدُّخُول إِلَى هُنَا إِنَّه لم يكن يسمح لي بِدُخُول سراي وَالِي أذربيجان وَهُوَ خَادِم الْملك فَكيف يُمكن أَن يسمح لي بِالدُّخُولِ إِلَى قصر الْملك نَفسه والمثول بَين يَدَيْهِ وَهُوَ سيد الدُّنْيَا باسرها إِن من الْأَفْضَل ان آوي إِلَى مَكَان قريب هُنَا وأكتم أَمْرِي فَرُبمَا أَسْتَطِيع أَن أظفر بلقاء الْملك وَهُوَ خَارج وأقص عَلَيْهِ قصتي
وَحدث أَن جَاءَ الْقَائِد الَّذِي سلبها أرْضهَا إِلَى الْقصر وعزم أنوشروان على الْخُرُوج للصَّيْد ولقفت الْعَجُوز خبر خُرُوج الْملك للصَّيْد إِلَى الْمَكَان الْفُلَانِيّ فِي يَوْم كَذَا فمضت واخذت تسْأَل هُنَا وَهُنَاكَ إِلَى أَن وصلت إِلَى ذَلِك الْمَكَان بِمَشَقَّة وَجهد وَأَلْقَتْ بِنَفسِهَا خلف دمنة هُنَاكَ ونامت لَيْلَتهَا تِلْكَ
وَفِي الْيَوْم التَّالِي وصل أنوشروان وتفرق من كَانَ مَعَه من كبار القادة فِي طلب الصَّيْد وَبَقِي هُوَ يتجول قي الْمَكَان وَمَعَهُ أحد الموكلين بِالسِّلَاحِ فَقَط اغتنمت الْعَجُوز الفرصة ونهضت من مكمنها وأسرعت نَحْو الْملك وأخرجت شكواها وَهِي تَقول أَيهَا الْملك إِن تكن مَالك الدُّنْيَا فأنصف هَذِه الْعَجُوز الضعيفة واقرأ شكواها وتعرف على حَالهَا
لما رأى أنوشروان الْعَجُوز وَسمع مَا تَقول أَيقَن أَنَّهَا لم تأت إِلَى هُنَا لَو لم تكن ثمَّة ضَرُورَة قصوى فاتجه بفرسه نَحْوهَا وَأخذ شكواها وَقرأَهَا واستمع إِلَى حَدِيثهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute