للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سرا وَدون أَن يحس أحد وَقسم المَال بَينهُنَّ ثمَّ زوجهن سترا لَهُنَّ وَكيلا يحتجن أحد من النَّاس إِن هَذَا الْأَمر يَقْتَضِي أَن تخْتَار إِحْدَى حجرات بَيْتك الداخلية وتنشىء فِيهَا سردابا مُحصنا من الاجر المشوي ثمَّ تُخبرنِي بعد الِانْتِهَاء من بنائِهِ لامر فِي لَيْلَة مَا بإحضار عشْرين مجرما من السجناء الْمَحْكُوم عَلَيْهِم بِالْمَوْتِ لحمل المَال على كواهلهم إِلَى بَيْتك وَوَضعه فِي السرداب وإحكام سَده وتغطيته وَبعد عودتهم امْر بِقطع أَعْنَاقهم جَمِيعًا ليظل الْأَمر طي الكتمان قَالَ القَاضِي سمعا وَطَاعَة ساعمل مَا بوسعي لتنفيذ هَذَا الْأَمر ثمَّ هَمس فِي أذن أحد الخدم أَن اذْهَبْ إِلَى الخزينة وضع مِائَتي دِينَار من الذَّهَب المغربي فِي كيس وعد بهَا بِسُرْعَة

وَلما أحضر الذَّهَب تنَاوله عضد الدولة وَوَضعه أَمَام القَاضِي وَقَالَ مِائَتَا الدِّينَار هَذِه لبِنَاء السرداب فَإِن لَا تَكْفِي أرسل إِلَيْك غَيرهَا قَالَ القَاضِي الله الله أَيهَا الْملك إِنَّنِي حَتَّى لَو بنيته بِمَالي الْخَاص لَا أكون فعلت شَيْئا قَالَ عضد الدولة بِشَرْط أَلا تنْفق من مَالك على شؤوني الْخَاصَّة فذهبك حلالك أَنْت وَحدك وَلَا تعلق لَهُ بِهَذَا الشان إِن تقم بالمهمة الَّتِي وَقع اختيارنا واعتمادنا عَلَيْك فِيهَا فقد أدّيت كل شَيْء قَالَ القَاضِي الْأَمر أَمرك يَا مولَايَ

وَوضع القَاضِي مِائَتي الدِّينَار فِي كمه وَانْصَرف من عِنْد الْملك فِي حَال كَاد يخرج فِيهَا من جلده فَرحا وَقَالَ فِي نَفسه لقد حالفني الْحَظ والجاه فِي شيخوختي ستمتلك ذريتي الذَّهَب الَّذِي سيصير كُله إِلَيّ يَوْمًا إِذا مَا حَان اجل الْملك فَلَيْسَ لأحد سَنَد عَليّ سيصبح الذَّهَب كُله من نَصِيبي وَنصِيب أَوْلَادِي إِن صَاحب الإبريقين لم يسْتَطع وَهُوَ حَيّ ان يسْتَردّ مني دانقا وَاحِدًا من الْعشْرين ألفا فَمن سيقدر على الْحُصُول مني على شَيْء إِذا مَا مَاتَ الْملك أَو قتل

وأسرع فِي بِنَاء السرداب الَّذِي فرغ مِنْهُ على أحكم حَال وأحسنها فِي شهر وَاحِد ثمَّ مضى إِلَى قصر عضد الدولة عِنْد صَلَاة الْعشَاء لَيْلَة فاستدعاه عضد الدولة إِلَيْهِ وحيدا وَقَالَ مَا الَّذِي أَتَى بك السَّاعَة قَالَ أردْت أَن أنهِي إِلَى الْملك أَن السرداب الَّذِي أَمر بإنشائه قد تمّ قَالَ عضد الدولة حسن جدا لقد كنت أعرف جديتك فِي الْأُمُور الْحَمد لله الَّذِي لم يخيب ظَنِّي فِيك فَإنَّك أرحت بالي من هَذَا الْأَمر الَّذِي لم أكف لَحْظَة عَن التفكير فِيهِ لقد أَعدَدْت من الْمبلغ الْمَذْكُور ألف ألف وَخَمْسمِائة

<<  <   >  >>