وأما الشروط في البيع فالأصل فيها الحل والإباحة بحيث أنه لا يجوز أن يمنع الإنسان شرطاً إلا بدليل يدل على المنع منه. فإذا علمت هذا فاعلم أننا نريد بقولنا:(الأصل في الشروط في المعاملات الحل والإباحة) أننا نريد الشروط في المعاملة لا شرط صحة المعاملة فتنبه لهذا فإذا تقرر لك هذا فقد دل على هذا الأصل عدة أدلة:
منها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمنون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالاً أو أحل حرامًا) وهذا نص في المسألة.
ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين من حديث عقبة بن عامر:(إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج) وهذا نص أيضًا.
ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريرة:(ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط) متفق عليه، فهو لم ينكر عليهم اشتراطهم، وإنما أنكر عليهم مخالفة الشرط لكتاب الله، مما يدل على أن الأصل جواز الاشتراط إلا إذا خالف الشرط كتاب الله، والمراد بكتاب الله أي حكم الله، ذلك لأن شرع الله الذي حكم به هو أن الولاء لمن أعتق، فاشتراط مواليها أن الولاء لهم مخالف لحكم الله تعالى، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر عليهم مخالفتهم لكتاب الله لا أنه أنكر الاشتراط مطلقًا.
ومنها: أن جابرًا اشترط على النبي - صلى الله عليه وسلم - لما باعه الجمل، اشترط حملانه إلى أهله فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر عليه ذلك.
ومنها: أنه لا يزال المسلمون يتبايعون ويشترطون بلا نكير فهو كالإجماع منهم على أن الأصل في الشروط في المعاملات الحل والإباحة.
ثم اعلم أن مذهب الأصحاب في هذه الشروط أنهم يقسمونها إلى قسمين: شروط صحيحة، وشروط فاسدة.