للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: شرط العاقد نفعًا مباحًا معلومًا في المبيع كاشتراط البائع سكنى الدار مدة معلومة، وكاشتراط المشتري على البائع حمل الحطب إلى موضعٍ معين أو تكسيره أو خياطة الثوب ونحو ذلك. وعندنا في المذهب أنه لا يجوز للعاقد أن يشترط أكثر من شرط واحد من النوع الثالث فقط دون الأول والثاني، ويستدلون على ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا بيع ما ليس عندك) رواه الترمذي وقال حسن صحيح فقد نهى عن الجمع بين شرطين في البيع، لكن الصواب هو الجواز فيجوز للعاقد أن يشترط في العقد ما شاء من أي أنواع الشروط المتقدمة بشرط أن لا يخالف الشريعة؛ لأن الأصل في الشروط في المعاملات الحل والإباحة إلا بدليل، واختار هذا القول شيخ الإسلام تقي الدين وتلميذه ابن القيم. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: (ولا شرطان في بيع) فقد بينه المحققون من العلماء بأنه كل شرطين أدى اجتماعهما إلى مفسدة، ذلك لأن الشريعة لا تنهى إلا عن الشيء الذي فيه مفسدة، رباً كان أو غرراً أو ظلماً، وهذه الشروط أعني النوع الثالث من أنواع الشروط الصحيحة ليس فيها محذور بوجهٍ من الوجوه، فكيف نهى عنها الشارع وهي لا مفسدة فيها بنفسها، ولا يتذرع بها إلى مفسدة، فإذا قال المشتري للبائع مثلاً: اشتريت منك هذا الحطب بشرط حمله وتكسيره، فهذان شرطان في البيع فما وجه المفسدة في الجمع بينهما؟! ليس هناك أي مفسدة، فدل ذلك أن الشرطين المنهي عنهما إنما هما الشرطان اللذان يؤدي اجتماعهما إلى مفسدة شرعية وذلك كمسألة العينة كأن يبيعه سلعة بمائة مؤجلة ثم يشتريها في الحال بثمانين حالة، وهذا من أعظم الذرائع إلى الربا، واختار هذا القول ابن القيم والشيخ ابن سعدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>